الحكومة إلى أزمة مفتوحة

  • شارك هذا الخبر
Friday, December 13, 2019

بحسب كل المعطيات التي سبقت قرار التيار، فإن الوزير جبران باسيل لم يكن ليتخذ قراره لو تم الاتفاق على حكومة من ثلاثة: حكومة تكنوسياسية يرأسها الحريري وتضم وجوهاً سياسية تختارها الأحزاب من دون أي فيتو على الأسماء، حكومة اختصاصيين لا يترأسها الحريري وحكومة أحادية يترأسها فؤاد مخزومي أو جواد عدرا.

كان الاحتمال الأخير مرفوضاً من قبل حزب الله، فيما الاحتمال الأول رُفض من الحريري، الذي يضع فيتو على عودة باسيل إلى الحكومة. تبقى حكومة الاختصاصيين، وتلك كادت تمر الأسبوع الماضي، لولا تطييرها من قبل الحريري وباسيل معاً، كل لأسبابه.

لم يبق أمام باسيل في تلك الحالة سوى إعلان عدم المشاركة في الحكومة. فهل يؤدي هذا القرار إلى تسهيل ولادتها؟ الانطباع الأول لأكثر من طرف أن الحكومة بعيدة. ما هو مرجح حتى اليوم، هو أن الحريري سيُكلّف تأليف الحكومة. أما التأليف نفسه، فيحتاج إلى الإجابة عن عدد من الأسئلة: على أي حكومة يوقّع رئيس الجمهورية؟ ومن يمثّل المسيحيين في غياب أكبر كتلة مسيحية؟ ومن يختار هؤلاء الوزراء، هل هو الحريري أم عون أم من؟ وهل إعلان باسيل عدم مشاركة التيار في الحكومة يعني أن الحريري لن يكون مضطراً إلى التفاوض مع باسيل؟ وإذا كان باسيل قد ركّز في حديثه على الميثاقية، مؤكداً عدم تخطي الموقع الميثاقي للحريري، فهل سيكون بمقدور الأخير تخطي الموقع الميثاقي للتيار الوطني الحر؟

الأسئلة الكثيرة تقود إلى عدم توقع حكومة في القريب، وخاصة أنه لم يعد معروفاً إن كان الاتفاق الذي عقد مع سمير الخطيب لا يزال صالحاً. فهل الحريري يوافق على حكومة تكنوسياسية يتمثل فيها حزب الله وأمل صراحة؟ وإذا كان يريد العودة إلى شرطه السابق، أي ترؤس حكومة اختصاصيين، فهل يريدها غير حزبية؟ وهل يوافق حزب الله وأمل على التراجع عن مطلبهما التمثّل بسياسيين أم يوافقان على الاكتفاء بتسمية اختصاصيين؟ ماذا لو رفض الحريري؟


الأزمة عميقة. والحريري سيواجه تكليفاً بلا قدرة على التأليف (تلك حالة لطالما خبرها في السنوات السابقة). يفتقر إلى الغطاء المسيحي، وخاصة إذا استمرت «القوات» في إصرارها على حكومة من الاختصاصيين، مع توقعات بأن لا يسميه المردة أيضاً، وخاصة إذا رفض حزب الله تسميته. سيكون الحزب أمام معادلة جديدة. حماسته لعودة الحريري ليست مطلقة. يفضّل ترؤسه للحكومة، لكن لا يمكنه أن يقبل بأن يقود الحكومة مطلق اليدين في تسمية الوزراء وتنفيذ السياسة التي يجدها ملائمة للخروج من الوضع الحالي. وحتى إذا كان الحريري يرى أن هكذا حكومة هي الفرصة الوحيدة لكي يحصل على الدعم الأميركي والسعودي، فقد وجهت الرياض له رسالة عدم اهتمام بغيابها عن مؤتمر باريس (أول من أمس)، فيما يأتي الموفد الأميركي ديفيد هيل الأسبوع المقبل، معلناً الدخول المباشر للولايات المتحدة على خط التأليف.


الأخبار