مشهد اليوم في المناطق اللبنانية أسقط كل الحواجز الطائفية والحزبية الضيقة وأظهر وجه لبنان الطامح لطي ما أوصلتنا إليه كل الانقسامات التي ورثناها من الحرب الأهلية وما تبعها من عقليات مافياوية وسلطة نهبت المال العام، فعاد الامل للشعب بانه قادر ان يبني لبنان جديد ، لبنان الانسان، لبنان القوي الذي يتصدى لكل التدخلات الأجنبية.
في المقلب الثاني، في باحة وزارة الدفاع حيث اختارت السلطة السياسية أن تُقيم ذكرى الإستقلال والعرض العسكري الرمزي، كانت الوجوه باردة كالعلاقة بين الرؤساء الثلاثة، ولم يتوافد المهنئون الى قصر بعبدا كما جرت العادة.
ولاول مرة في تاريخ لبنان منذ الإستقلال، اثبتت الساحة الثانية، ساحة الشهداء، ساحة الشعب، ان هذا هو الاستقلال الحقيقي، وتوافد المحتفلون من فنانين وطلاب واطباء وامهات واباء واولاد من كل المناطق اللبنانية في مشهدٍ رائع عبِّر فيه الشعب عن حضاريته وتنظيمه، موجها رسالة للطبقة الحاكمة: "نحن الثورة الحضارية.. نحن المستقبل.. نحن التغيير.. نحن من سيحاسبكم.. نحن من يريد ان يعيش حياة كريمة!"
وبعد ٣٧ يوما من بدء الانتفاضة اضاء مشهد الساحات الأمل في قلوب من فقد الامل! فالشعب لا يطلب الكثير.. هو يطلب حياة كريمة لا فساد ووساطة فيها، يطلب ان يستطيع ان يعلم اولاده ويؤمن قسط مدرستهم.. هو يطلب ان يدخل المستشفى اذا كان مريضا دون ان يدفع دم قلبه..
ان الاحتفال بعيد الاستقلال لا يجب ان يكون ليوم واحد فقط بل يجب ان يسير لمدى الحياة، يجب ان يحاسب كل سياسي استغل مكانته لينهب شعبه، يجب ان لا يرضخ لاي تسوية خارجية، يجب ان يواجه كل المخاطر والتحديات بوعي وشجاعة ورؤية ببناء لبنان افضل!
يوم ٢٢ تشرين الثاني ٢٠١٩ سيدخل التاريخ، فتحية فخر واعتزاز للشعب اللبناني الذي عبر عن مطالبه اليوم برقي وحضارة!
