العميد المتقاعد طوني مخايل- قاضي مغوار

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, November 19, 2019

متظاهرون في الشوارع يُنادون بمحاسبة الفاسدين واستعادة الاموال المنهوبة منهم وزجهم في السجون، مسؤولي الدولة على كافة مستوياتها يُرددون نفس شعارات الشعب ويُطالبون بفتح الملفات وبدء المحاكمات، وتتقاطع آراء الشارع واهل السلطة على ان المطلوب قضاء عادل ومستقل ليباشر بهذه الحملة.
صفات القاضي التي التصقت به منذ بداية التاريخ هي العدل والمساواة والجرأة والتجرد والاستقلالية، والى ما هنالك من صفات حميدة مطلوبة على مستوى كل انسان بشري.
معرفتي الشخصية بالقضاة ضئيلة جداً، ولكن يتردد الى مسامعي عبر الأصدقاء، وعبر وسائل الاعلام عن وجود عدد لا يستهان به من القضاة الذين يتمتعون بهذه الصفات ولم تتلوث سمعتهم واياديهم.
الأمثلة كثيرة عن قضاة وصلت اليهم ملفات لأشخاص من مستويات وظيفية ادنى بكثير من الذين نسمع أسمائهم حالياً وسنسمع عن غيرهم لاحقاً، وبمجرد محاولة السير بها وفقاً لاصول المحاكمات بدأت تُمارس عليهم سياسة الترغيب، وعند الفشل إسْتعملت معهم سياسة الترهيب حتى وصلت عام ١٩٩٩الى اغتيال أربعة قضاة داخل قصر العدل في صيدا.
اكتب هذا لأقول ان محاربة الفساد والفاسدين في هذه الايام يلزمها اكثر من العدل والمساواة والجرأة والاستقلالية، يلزمها تضحية قد تصل الى الموت، يلزمها مجموعة قضاة مغاوير بالمعنى العسكري للكلمة، فالمغوار في الجيش هو رجل المهمات الصعبة والخطيرة، تزج به قيادته عندما تعجز وحدات القتال العادية.
البلاد بحاجة الى هذه النوعية من القضاة، قضاة يَرتَّضون خوض غمار هذه المعركة في هذه الظروف، بالمقابل على اركان الدولة اذا كانوا فعلاً صادقين في اقوالهم العمل على:
- تأمين تدابير امنية( مقر إقامة، تنقلات ) لهذه المجموعة مع عائلاتهم تماثل التدابير الأمنية للرؤساء تحميهم من سلاح الترهيب.
- تخصيصهم برواتب مرتفعة تُقيهم شر سلاح الترغيب.
أخيراً يجب ان لا ننسى الشهود، فمن دونهم لا يُمكن إجراء محاكمة ولا يُمكن إحقاق العدالة، عمليات نهب المال العام الكبرى لا يُنفذها شخص بمفرده بل منظومة متكاملة، من هنا أهمية حماية الشهود من أنصار وأتباع الفاسد الأكبر اذا ما وقع في قبضة القضاء.
يجب الإسراع في إقرار قانون مكافحة الفساد وإضافة مواد تؤمن الحماية الجسدية لهؤلاء الشهود وعائلاتهم ايضاً.

ليس القانون ما يُخشى، إنما القاضي. (مثل روسي)