لا تدل المعطيات على أن ثمة تقاربا في وجهات النظر في المفاوضات التي تجري بين رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري وبين فريق 8 آذار من أجل التفاهم على رؤيا مستقبلية للحكومة بهدف تسميته من هذا الفريق الذي يضم "تكتل لبنان القوي" وحزب الله وحركة أمل.
وحتى حينه، على ما يقول مصدر وزاري متابع لهذه الاتصالات، فإن الحريري لا يزال متمسكا بحكومة من اختصاصيين في ظل توازنات تطمئن حزب الله وتؤكد حرصه على معالجة الأزمة الاقتصادية بهدف اخراج البلاد من المعاناة التي هي عليها.
لكن الآفاق المقفلة بين الجانبين هي التي حدت بالحريري إلى ترك الفريق المقابل يختار أو يعدد أحيانا أسماء لتولي رئاسة الحكومة، وذلك بهدف الضغط عليه للموافقة على تشكيل حكومة وفق شروط الممانعة، على غرار ما حصل في تزكية النائب السابق محمد الصفدي، حيث كان الحريري يقول الا مانع لديه على أي اسم لئلا يظهر متمسكا برئاسة الحكومة ويتم فرض شروط عليه، سيما أن محور "العهد - الثنائي الشيعي" ينطلق من معادلة أنه طالما الحريري سيعود كرئيس كتلة سنية، فإن التوازن والميثاقية يقضيان بأن يتمثل أيضا في الحكومة رئيس أكبر كتلة مسيحية، أي الوزير باسيل.
إلا أن فريق الممانعة يظهر محشورا في خياراته ولا يجد أمامه سوى الحريري لتشكيل الحكومة المقبلة نظرا لرصيده السياسي والدولي، وهو ما دلت عليه اللقاءات المكثفة معه لعدم وجود بديل عنه، حيث تجري الاتصالات وفق صيغة "الممانعة تريد الحريري وفق شروطها"، وهو ما لا يقبله، لا سيما بعد الانتفاضة الشعبية التي فرضت ذاتها على الواقع اللبناني وتفاعل معها بتقديم استقالته، فيما قوى أخرى تتعاطى معها بحالة من الانكار لما فرضته من وقائع على المشهد السياسي اللبناني.
وكشف المصدر أنه حتى اللقاء ما قبل الأخير بين الحريري و"الممانعة"، كان هذا الفريق أي 8 آذار، لا يزال يطرح حكومة تكنوسياسية ومن بين صفوفها الوزير جبران باسيل، ليتمثل عن فريقه السياسي بحيث يكون لكل من هذه القوي وزير سياسي كامل المواصفات، وهو الأمر الذي يرفضه الحريري نظرا لتداعياته المرتقبة في حال حصوله.