هل نخبر أولادنا عن الخيانة الزوجيّة؟

  • شارك هذا الخبر
Friday, November 15, 2019

أسباب كثيرة ومتشعبة تؤدي إلى الخيانة الزوجية، نختصرها بالبحث عن الإهتمام والراحة، نتيجة النقص في الثقافة المتوارثة حول العلاقة الزوجية، التي لا تُختصر في العيش ببيت واحد. ويخطئ من يعتقد أنّ الخيانة الزوجية تحدث بحثاً عن التنويع في العلاقات الجنسية فقط، ما قد يحدث أحيانا، بل هي غالباً ما تكون لسد فراغ عاطفي، بحثاً عن الحب والتواصل والدعم، والإصغاء والإهتمام والتفهّم.
«كنت آخد تلفون الماما تا إلعب، وشوف شو كتبت للشب اللي بتحبو، وكانت تلتقي معو بالسر، كانت الماما مفكرتني زغيري وما بفهم، بس أنا خبرت البابا إنو هيي عم تخونو، وصار مشكل كبير»، قالت موني، إبنة العشر سنوات.

تأخذ انشغالات الحياة اليومية الزوجين، فيسقط سهواً الإهتمام بالعلاقة مع الشريك، بسبب التعب النفسي والجسدي، والضغوطات اليومية، كذلك بسبب مراحل حياتية مفصلية كالحمل والولادة والمرض والسفر وغيرها. ومن الأخطاء الشائعة في هذا الصدد، اعتبار الشريك من الممتلكات الخاصة، وبالتالي عدم بذل المجهود لإرضائه وإنعاش العلاقة معه بشكل دائم وبديهي.

وقد سهّل وجود وسائل التواصل الإجتماعي الخيانة الزوجية من ناحية تأمين البدائل، فنبدأ بالتعرف والتسلية وننتقل تدريجياً إلى الإعجاب بالشريك الإفتراضي والتعوّد عليه والتعلّق به، وصولاً إلى احتلاله مكانة الشريك الفعلي شيئاً فشيئاً.

يتنقل روجيه من إمرأة إلى أخرى، مع استمراره بالعيش مع زوجته وأولادهما في منزل واحد، قائلاً: «خليا تربي الولاد وتهتم فين، وأنا حاضر أمّن حاجاتها الشخصية والمنزلية، بس ما تتدخل بعلاقاتي وروحاتي ومجياتي، بيني وبينا ما في علاقة». أما زوجته فترى بأنه: «بضل ببيتي مع ولادي ويعمل يللي بدو ياه، وين بدي روح؟ أهلي ماتوا، وأنا ما بشتغل».

مع عدم إغفال التغيّر الملحوظ على مستوى اتخاذ القرار بالإنفصال عن الشريك والطلاق، والمتسرّع أحياناً، إلا أننا ما زلنا نحتفظ بنظرية «التستر»، أي إخفاء أمر الإنفصال الضمني بين الزوجين. فلا يعلم بانقطاع العلاقة بينهما حتى الأبناء، ويعيشان حياة زوجية صورية وشكلية.

وقعت الواقعة، وكشفت ليلى خيانة زوجها لها، مع صديقتها، وهي لا تريد العيش معه بعد اليوم، لكنها لا تجد جواباً تعطيه لابنهما رالف، البالغ من العمر سبعة عشر عاما، عن سبب اتخاذها لهذا القرار وتقول : «هل من الصحي أن أخبر إبني بخيانة والده لي؟ ألن يفقده ذلك ثقته به؟ ألن يتسبب بمشكلة طويلة الأمد بينه وبين أبيه؟ فأنا أخاف أن يدينني ويقول أنني السبب، كما يقلقني أن نزرع فيه خوفاً من الزواج في المستقبل».

بالنسبة لرالف، تستطيع والدته أن تصارحه بحقيقة الأمر، ومن المستبعد ألّا يكون على علم ويقين سابق بما قام به والده.

أما الدقّة في أمر إطلاع الأولاد على خيانة الآباء والأمهات الزوجية، فتكمن مع الأطفال، الذين لا يستطيعون تفهم الحاجات في الثنائي، والذين لم يبلغوا مرحلة الإستغناء عن دور الأب والأم في حياتهما، والذي يساهم بشكل مباشر بتكوين هويتهم الجنسية.

كما ويتأثر انطباعهم عن الشخص الخائن من جهة، والمتعرّض للخيانة من جهة أخرى، فقد يرفض الصبي التشبّه بأب خائن، سبب العذاب لأمه، ما يؤثر على ميوله وهويته الجنسية. كما قد يفقد ذلك الأبناء ثقتهم بأبناء جنسهم أو بالجنس الآخر، وبالزواج ككل.

أما عن إستمرارية الزواج بعد التعرّض للخيانة الزوجية، فممكنة جداً، وذلك من خلال العمل مع إختصاصيين في علاج المشكلات الزوجية، عبر التركيز على مسببات القيام بعلاقة خارج الزواج وعلاجها. ويحتاج ذلك إلى قرار من الطرفين، وإلى التحلّي بالمرونة الكافية للتمكّن من الإعتراف بالخيانة وطلب السماح من جهة، والمسامحة واتخاذ قرار البدء من جديد من جهة أخرى.


الجمهورية