بكين لتشديد القوانين الأمنية في هونغ كونغ

  • شارك هذا الخبر
Monday, November 11, 2019

اعتبرت الصين أن غياب التشريعات الأمنية المتشددة في هونغ كونغ هو أحد الأسباب الرئيسية لاستمرار المظاهرات العنيفة المؤيدة للديمقراطية منذ أشهر في المدينة، واصفة مسألة سن تشريعات كهذه بـ«المهمة العاجلة».
وجاءت هذه الدعوة التي من المرجح أن تؤجج غضب المتظاهرين المستائين من رد فعل الشرطة القاسي تجاههم، في بيان مطوّل صدر السبت عن الحكومة الصينية المركزية التي تشرف على حكم هونغ كونغ.
وأقر تشانغ تشاومينغ، مدير مكتب هونغ كونغ وماكاو، في البيان بضرورة إدخال تحسينات على الحكم الذاتي في هونغ كونغ، لأن عوامل مثل ارتفاع تكلفة السكن واتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء ساهمت في الاضطرابات، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. لكن تشانغ أبدى أيضاً دعماً لتشديد قبضة السلطة، وأكد على الحاجة الماسة لوضع قوانين تجرّم التخريب وتحديات أخرى تواجهها الحكومة المركزية في الصين، مؤكداً أن زعيم المنطقة وأعضاء مجلس النواب يجب أن يكونوا «وطنيين» موالين للصين.
وكانت جهود حكومة هونغ كونغ لتقديم تشريعات من هذا القبيل عام 2003 قد تسببت بخروج مظاهرات، أجبرتها على سحبها ووضعها جانبا. واعتبر تشانغ أن الافتقار إلى مثل هذا القوانين «هو أحد الأسباب الرئيسية لتكثيف نشاط القوى المحلية الانفصالية والمتطرفة». وقال إن «الحاجة إلى حماية الأمن القومي وتعزيز تطبيق القانون هي قضايا بارزة ومهام عاجلة تواجه حكومة منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة والناس في شتى مناحي الحياة».
ومن المرجح أن يتسبب بيان تشانغ بإثارة غضب متظاهري هونغ كونغ الذين عطلوا بحركتهم الأعمال في مدينتهم التي تعد مركزا ماليا عالميا. وأعرب الرئيس الصيني شي جينبينغ الأسبوع الماضي عن «درجة كبيرة من الثقة» بالرئيسة التنفيذية لهونغ كونغ كري لام، بعد تكهنات بأن بكين تستعد لإزاحتها.
وفي الوقت الذي لم يقدم فيه تشانغ أي إشارة إلى أن إبعاد لام بات وشيكا، قال إنه «يجب ضمان أن يكون الرئيس التنفيذي وطنيا وموثوقا من قبل الحكومة المركزية التي تحب البلاد وهونغ كونغ». وأضاف: «يجب أيضا أن تتشكل الأجهزة الإدارية والتشريعية والقضائية في المدينة من الوطنيين».
ومجلس النواب في هونغ كونغ شبه ديمقراطي، حيث يتم انتخاب نصف المقاعد على المستوى الشعبي والباقي يتم اختيارهم من قبل لجان مؤيدة للصين، بما يضمن ولاءه لبكين. وأدى عدم إجراء انتخابات حرّة بالكامل، وخاصة أن تعيين زعيم المدينة يتم أيضا من قبل لجنة مؤيدة لبكين، إلى سنوات من الاحتجاجات التي بلغت ذروتها في الاضطرابات الأخيرة.
وتجري هونغ كونغ انتخابات مجالس المقاطعات في 24 نوفمبر (تشرين الثاني)، حيث من المتوقع أن يتلقى المعسكر الموالي لبكين هزيمة كبيرة. ومنذ أن بدأت الاحتجاجات، ارتفع تسجيل الناخبين في المناطق وقدّم المعسكر المؤيد للديمقراطية لأول مرة مرشحين في جميع الدوائر الانتخابية. ولكن هناك مخاوف من إمكان إلغاء هذه الانتخابات بسبب أعمال العنف.
والأربعاء، أصيب سياسي مؤيد لبكين في المدينة بجروح في هجوم بسكين قام به رجل تظاهر بأنه موال لبكين.
وجاء هذا الهجوم بعد ثلاثة أيام من قيام رجل يتحدث بلغة المندرين بطعن ثلاثة أشخاص على الأقل من المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية وهو يهتف بشعارات مؤيدة لبكين، كما قام أيضا بقضم أذن عضو مجلس مقاطعة محلي.
في غضون ذلك، توصلت لجنة خبراء دولية عيّنتها حكومة هونغ كونغ إلى أن شرطة المدينة غير مجهزة في الوقت الراهن للتحقيق في أي مخالفات ترتكبها الفرق التي تتولى مواجهة الاحتجاجات منذ أشهر. ومن بين أحد المطالب الرئيسية للمتظاهرين، إجراء تحقيق مستقل في ممارسات عناصر الشرطة الذين يواجهون المحتجين منذ 24 أسبوعا متتاليا.
ورفضت زعيمة المدينة كاري لام بشكل متكرر إجراء تحقيق مستقل، معتبرة أن لجنة شكاوى الشرطة المستقلة الموجودة حاليا قادرة على القيام بهذه المهمة. ويقول المتظاهرون إن اللجنة تفتقر إلى الصلاحيات المناسبة للتحقيق وتعج بالمسؤولين الموالين للمؤسسة، وهي كانت تقف عاجزة في السابق حين يتعلق الأمر بمحاسبة الشرطة.
وفي سبتمبر (أيلول)، قامت لام بتعيين لجنة من الخبراء المستقلين لتقديم المشورة للهيئة. وتضم هذه اللجنة مجموعة من الاختصاصيين في عمل أجهزة الشرطة من بريطانيا ونيوزيلندا وكندا برئاسة السير دينيس أوكونور، الذي حقق بتكليف من الحكومة البريطانية في أساليب عمل الشرطة بعد أعمال الشغب التي شهدتها لندن عام 2011.
وأصدرت اللجنة الدولية تقريرا يتضمن تقييما انتقادياً لهيئة شكاوى شرطة هونغ كونغ المستقلة وتشكيكا بقدرتها على القيام بالمهام الموكلة إليها، مقترحة إجراء تحقيق مستقل تماما يكون مناسبا أكثر لهذه المهمة.
والتقرير الذي يعود إلى 8 نوفمبر، توصل إلى «وجود نقص في صلاحيات لجنة شكاوى الشرطة المستقلة، وفي كفاءتها، وقدرتها على إجراء تحقيقات مطلوبة تواكب حجم الأحداث، وكذلك المعايير المطلوبة لهيئة رقابة دولية على الشرطة تعمل في مدينة تقدّر الحريات والحقوق».
وقالت اللجنة إنه إذا تم تعزيز الموارد فقد تتمكن هيئة الشرطة المستقلة من إصدار تقرير مؤقت «بحقائق محدودة ولكن كافية» حول سبب الاحتجاجات والتعامل مع السلطات. وأضافت أن هناك «قضية إلزامية» من أجل «تحقيق أعمق وأكثر شمولاً (...) من قبل هيئة مستقلة تتمتع بصلاحيات ضرورية».