تهافت للتموّن خشية من تفاقم الأوضاع الاقتصادية

  • شارك هذا الخبر
Monday, November 11, 2019

في أحد المتاجر الكبرى في بيروت، تضع سناء أكياسا من الفاصوليا فوق كومة من المواد الغذائية الأخرى في عربتها على غرار آخرين توافدوا لشراء الحاجيات الأساسية خشية من انقطاعها أو استباقا لارتفاع حاد في أسعارها، في خضم موجة احتجاجات غير مسبوقة ضد الطبقة السياسية في لبنان.

وتقول سناء المرأة الأربعينية، التي فضلت إعطاء اسم مستعار لأنها موظفة حكومية، «لا أذكر أننا قمنا بالتمون بهذه الطريقة من قبل (...) نحن مخنوقون، نتمون تحسبا للأيام المقبلة والمرحلة الضبابية التي تنتظرنا».

ويتهافت المستهلكون إلى برادات اللحوم والأجبان وقسم الخضار والفاكهة ويملأون الممرات المخصصة للحبوب والمعلبات، فيما تخلو ممرات أخرى للكماليات مثل المشروبات والحلويات من الزبائن.

وتضيف سناء: «في السابق كنت كل ما آتي إلى السوبر ماركت، أقول لأولادي: اشتروا ما تريدون، أما الآن فممنوع عليهم سوى اختيار شيء واحد فقط لأنني أريد أن أشتري المواد الغذائية فقط». وقد تسبب الحراك بشلل في البلاد شمل إغلاق المصارف لأسبوعين. وبعد إعادة فتحها تبين أن أزمة السيولة التي بدأت قبل التحرك الشعبي وكانت من الأسباب التي أغضبت اللبنانيين، باتت أكثر حدة. وللمرة الأولى منذ أكثر من عقدين من الزمن ظهرت خلال الصيف سوق صرف موازية يباع الدولار فيها أحيانا بقيمة تصل إلى 1800 ليرة، فيما لايزال السعر الرسمي لليرة ثابتا على 1507. واتخذت المصارف اللبنانية إجراءات للحد من بيع الدولار وفرضت خلال الأسبوع الجاري قيودا إضافية بعد توقف دام أسبوعين جراء الاحتجاجات الشعبية. ولم يعد بإمكان المواطنين الحصول على الدولار وهي عملة معتمدة في التداول في لبنان، من الصراف الآلي، بينما يطلب منهم تسديد بعض مدفوعاتهم من قروض وفواتير بالدولار. وتسبب كل ذلك بموجة هلع. وتدفق عدد كبير من اللبنانيين على المتاجر الغذائية خلال الأيام الماضية، في وقت حذرت محطات الوقود من انتهاء مخزون البنزين لديها.

على الرغم من أن بعض الزبائن قالوا إنهم لا يشعرون بأي خوف ويشترون حاجياتهم بشكل طبيعي، أكدت غيرين سيف مسؤولة صالة المواد الغذائية في مؤسسة تجارية في محلة فرن الشباك شرق العاصمة أن «الحركة أكثر من العادة وتشبه أيام الأعياد» من حيث الزحمة. ويوضح رئيس جمعية المستهلك غير الحكومية زهير برو لفرانس برس إن التجار الكبار غير القادرين على الحصول على الدولارات من المصارف يبيعون بضائعهم للتجار الصغار بسعر الصرف الذي يناسبهم. ويضيف برو أن «البلد في مرحلة فوضى بالأسعار»، مشيرا إلى أن الارتفاع طال «العديد من المواد من البيض إلى اللحوم والأجبان والألبان، والخضار» بنسب مختلفة.

وقد وثقت الجمعية، وفق شكاوى المواطنين التي تصلها، ارتفاعا بنسبة 7% في أسعار اللحوم وأكثر من 25% في أسعار الخضار على سبيل المثال.

من خلف براد اللحوم في أحد المتاجر، يقول الموظف فادي صليبي (39 عاما) أثناء تقطيعه اللحم «في الأيام الأخيرة، بتنا نعمل من الثامنة صباحا حتى العاشرة مساء» من دون توقف.

وأمام صناديق الدفع، يقف المواطنون في طوابير طويلة.

ويقول أنطوان ديراني (63 عاما) الذي ملأ عربته بمواد غذائية: «نحن نعيش في صلب الأزمة»، مضيفا: «نتمون اليوم ليكون لدينا احتياطات في المنزل». ويعود الرجل الذي غزا الشيب شعره بالذاكرة إلى سنوات الحرب الأهلية (1975-1990) متمنيا ألا تعود تلك الأيام. ويقول: «أذكر تماما كيف كنا نقف في الصف ونترجى البائعين للحصول على ربطة خبز فقط».

الانباء