محمد تلحوق - أيها اللبنانيون أموالكم في أمان

  • شارك هذا الخبر
Sunday, November 10, 2019


كتب الاقتصادي محمد تلحوق : نظام قائم في حد ذاته وهو وفق أصول وترتيبات مترابطة مع عدة عوامل منها سياسية ومنها إنتاجية ومنها نقدية. المحافظة عليه هو واجب ومسؤولية وطنية على الجميع أن يساهم في تثبيتها كل من موقعه بعيدا عن العواطف والشعبوية. البلاد تمر في مرحلة دقيقة جدا على جميع الأصعدة، والقطاع المصرفي هو من صلب هذه التحديات ومن صلب الإقتصاد اللبناني وهو حاجة للجميع وخصوصا اليوم. ليس صحيحا أن البلد متوجه نحو الإفلاس كما يحلو لبعض المنظرين التكلم والتحليل. هكذا فرضيات وإشاعات من شأنها أن تهدد وتربك أكبر اقتصادات ومصارف العالم. الموضوع المالي والإقتصادي هو خط أحمر يجب إبعاده عن التجاذبات السياسية والشعبوية. الأرقام واضحة وهي المرجع الوحيد العلمي الذي يمكن أن نستند عليه في تحليل الوضع القائم.

- إحتياطي من العملات الأجنبية بما يعادل ٣٤ مليار دولار (دون إحتياط الذهب المقدر ب ١٣ مليار دولار ) .

-مستحقات الديون مدفوعة ومؤمنة الى اذار ٢٠٢٠.

- ودائع بالمصارف تعادل ١٧٠ مليار دولار وغيرها من الحقائق والأرقام التى لا تحمل التأويل.

لنصطف جميعا خلف المطالب الاجتماعية ومحاربة الفساد والهدر والتفكير في كيفية إعادة الأموال المنهوبة إلى خزينة الدولة، والضغط لتشكيل حكومة مختصةالبارحة قبل اليوم لنخرج البلاد والعباد من هذا المستنقع الذي أوصلتنا إليه السياسات الفاشلة على مر ثلاثين عام. إن قيام البعض بالتصوير ونشر الأخبار والأعمال البطولية داخل المصارف و التحدث عن عدم القدرة في تلبية طلب المودعين هو الإفلاس بعينه وهو من شأنه أن يؤثر ويساعد في تسريع الانهيار، ليس فقط في بلد مثل لبنان ولكن في أي دولة مهما بلغ حجم اقتصادها أو ملاءة مصارفها، فهي تكون طبعا عاجزة ولن تستطيع الإستمرار. فهذا أشبه بالانتحار الجماعي ولن ينجو منه أحد حتى ولو وضع امواله تحت سابع ارض.
فالوضع حاليا أشبه بمجموعة من الأشخاص التى تريد اجتياز صحراء قاحلة ومعها مؤونة تكفيها لإنجاز المهمة ولكن بعض أفرادها يختار أن يستهلك هذه المؤونة خلال الأيام الأولى من هذه الرحلة ويضع مصيره ومصير المجموعة في المجهول. إنه وقت تبصر وتنظيم وحس وطني جامع، لا وقت الأنانية الفردية والجشع والشخصانية،لنتعاون جميعا لأننا قادرون أن نجنب أنفسنا وقطاعنا المالي والمصرفي من التخبط في المجهول.

ليس خافيا على احد أن في الأيام الماضية حصل إرتباك في بعض المصارف وسببه الهجمة من الزبائن، الذين لا ننكر حقهم ولا تعبهم وجنى عمرهم من الأموال، ولكن في نفس الوقت يجب أن نكون واقعيين فالمصارف تستثمر الأموال لتدفع الفوائد للمودعين وليس هناك أموال غب الطلب لتلبية الحاجة المضخمة بين ليلة وضحاها. فهذا ليس منطقيا في عالم المال، ومن واجبنا نشر التوعية وتهدئة النفوس، فأموال المودعين في أمان وهذا ما تؤكده الأرقام وليس من نسج الخيال. هناك شح في الورقة النقدية للدولار وسببه الطلب المتزايد، والإحتفاظ به من قبل عملاء المصارف وعدم إيداعه وإدخاله في الدائرة النقدية، وعدم صرفه مقابل الخدمات والسلع، وتراجع السياحة التي تدخل العملة النقدية وعدة أسباب أخرى . فشح العملة الورقية من الدولار ليس دليلا على الإفلاس أو عدم قدرة المصارف على دفع أموال المودعين، هو فقط مرتبط بالأسباب المذكورة أعلاه وبإجراءات روتينية يقوم بها مصرف لبنان بطلب هذه السلعة، فتعود الأمور إلى طبيعتها ولكن على المودعين الحد من هذا الطلب وإفساح المجال للقيام بهذا الإجراء الروتيني. ولكن اذا إستمر المودعين بطلب العملة الورقية بشكل متزايد ودون تنظيم، إضافة إلى الاحتفاظ بها وعدم التداول بها في السوق، من شأنه أن يدفع نحو المزيد من التأزم والانفلات ونكون قد صنعنا الأزمة بأيدينا.

يجب ألا ننسى التحديات التى مرت على لبنان ،من الاعتداءات الإسرائلية المتكررة في التسعنيات، واغتيال الرئيس الحريري وما رافقه من إغتيالات لشخصيات أدت إلى زعزعة الإستقرار، إلى حرب، والأزمة العالمية أيضا في ٢٠٠٨، بحيث استفاق الناس في أميركا وأوروبا ومختلف الدول المتقدمة على إفلاسات لأعظم المنظومات المالية العالمية، إلى استقالة الرئيس الحريري في عام ٢٠١٧ وغيرها. ولكن بقي القطاع المصرفي اللبناني صامد ومتين على رغم جميع التحديات، وهو اليوم كذلك فنسبة الملائة والرسملة في هذا القطاع هي من الأعلى في العالم.

فيا أيها اللبنانيين قدرنا المالي بين أيدينا فلا نساهم في إسقاطه وتدميره.