بوادر "مشكلة" بين التيار وحزب الله

  • شارك هذا الخبر
Thursday, September 19, 2019

منذ تسرّب قضيّة عودة عشرات المُنتمين السابقين إلى ما يُسمّى "جيش لحد" المُتعامل مع جيش الإحتلال الإسرائيلي إلى لبنان، إلى وسائل الإعلام، تفجّرت قضيّة شائكة قديمة جديدة. وعلى الرغم من حرص كلّ من "التيّار الوطني الحُرّ" و"حزب الله" على عدم الدُخول بأي جدّل مُباشر في هذا السياق حتى الساعة، فإنّ ما يُنشر على مواقع التواصل الإجتماعي، وما بدأ يُطلق من مواقف، وجديدها مثلاً إعتبار نائب "التيّار" عن منطقة جزّين زياد أسود أنّ "إحتجاز عامر الفاخوري غير قانوني وسياسي بامتياز" وأنّ "سجلّه العدلي نظيف، وقد سقطت التهم عنه مع مُرور الزمن"، في مُقابل المواقف المندّدة والإعتصامات المُطالبة بإعدام العُملاء، يُنذر بتفجّر مُشكلة بين "التيّار" و"الحزب".

ولفتت أوساط سياسيّة مُطلعة إلى أنّ "التيّار" الذي كان حرص على أن تتضمّن "ورقة التفاهم" مع حزب الله بندًا جاء فيه ما حرفيّته: "إنطلاقًا من قناعتنا أنّ وُجود أي لبناني على أرضه هو أفضل من رؤيته على أرض العدوّ، فإنّ حلّ مُشكلة اللبنانيّين الموجودين لدى إسرائيل يتطلّب عملاً حثيثًا من أجل عودتهم إلى وطنهم، آخذين بعين الإعتبار كل الظروف السياسيّة والأمنيّة والمعيشيّة المحيطة بالموضوع، لذلك نُوجّه نداء لهم بالعودة السريعة إلى وطنهم (...)"، قرّر خلال الأشهر القليلة الماضية تحريك هذا الموضوع من جديد، لأنّ العودة الطوعيّة لبعض العُملاء بُعيد إنسحاب الإحتلال الإسرائيلي من الجنوب في العام 2000، كانت محدودة جدًا، ولا يزال نحو 3400 من أصل نحو 8000 لبناني فرّوا إِلى الأراضي المُحتلّة منذ عقدين، عالقين هناك، بينما هاجر الباقون إلى دول أوروبيّة وغربيّة مُختلفة.

وكشفت الأوساط أنّ التيّار الوطني الحُرّ، وبتعليمات مُباشرة من رئيسه وزير الخارجية جبران باسيل، قرّر خلال الأسابيع القليلة الماضية، وضع آليّة تنفيذيّة لتطبيق القانون الذي أقره مجلس النوّاب اللبناني في العام 2011، بالتنسيق مع وزير العدل ألبرت سرحان المَحسوب على "التيّار" أيضًا، مع التذكير أنّ هذا القانون ينصّ على أنّ المواطنين الذين لم ينضوا عسكريًا وأمنيًا في ما يُسمّى "جيش لحد" يعودون بدون قيد أو شرط باستثناء تسجيل أسمائهم لدى وحدات الجيش اللبناني الموجودة عند نقاط العُبور، بينما أفراد الميليشيا الذين تعاملوا مع الإحتلال يُسلّمون أنفسهم لوحدات الجيش على أن يخضعوا لمُحاكمة عادلة. وأضافت الأوساط أنّ هذا القانون لم يُنفّذ في السابق بسبب عدم مُتابعته بإصدار مراسيم تطبيقيّة له.

ولفتت الأوساط السياسيّة المُطلعة نفسها إلى أنّه في ظلّ التعثّر المُستمرّ لقانون العفو العام، بسبب إتساع الجهات الراغبة بالإستفادة منه وبالتالي تشعّب مشاكله، قرّر "التيّار" اللجوء إلى طريق آخر لحلّ مُشكلة من يصفهم بالمُبعدين وليس بالعملاء الفارين في تمايز واضح عن وصف حزب الله و"محور المُقاومة" ككل. وأوضحت أنّ هذا الطريق تمثّل بالإعتماد على مرور الزمن لسُقوط المُلاحقات والإستنابات القضائيّة، بالتزامن مع شطب أسماء العشرات من البرقية 303 وهي برقيّة تصدر عن مديريّة المُخابرات في الجيش اللبناني وعن أركان الجيش للعديد، ويتمّ تعميمها على كلّ من قوى الأمن الداخلي، والأمن العام، وأمن الدولة، وجهاز أمن المطار، ولا تسقط إطلاقًا بإنقضاء أي مهلة زمنيّة.

وختمت الأوساط السياسيّة المُطلعة أنّ الرفض القاطع الذي وُجهت به عودة شخص بمُستوى فاخوري بهذه السُهولة إلى لبنان، أسفرت عن تراجع "التيّار" خُطوة إلى الوراء، لأنّ هذه العودة أضرّت بالهدف الذي كان وضعه "التيّار" لإعادة من فرّ إلى الأراضي المُحتلّة، لكن طبعًا ليس أولئك الذين تورطوا في العمالة ونكّلوا باللبنانيّين. وتوقّعت الأوساط أن لا يتراجع التيّار عن تحريك ملف «المُبعدين» من جديد، بعد أن تهدأ النُفوس قليلاً، وبعد أن تسلك مُحاكمة الفاخوري طريقها القانوني الطبيعي، في ضوء صُدور مُذكّرة التوقيف الوجاهيّة بحقّه، مع إحتمال كبير أن يتسبّب هذا الملفّ بمُشكلة مع "الحزب" الذي يُطالب بمُحاكمة "العُملاء" في حال عودتهم.


الديار