مشعل السديري - المأساة المركّبة

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, September 17, 2019

ليس هناك فئة في عصرنا الحديث تعرضت للظلم والقهر والتنكيل من قبل مجرمي (الدواعش) أكثر من فئة (اليزيديين أو الإيزيديين)، وهم مجموعة عرقية دينية تتمركز في العراق وسوريا، ويعيش أغلبهم بمنطقة جبال سنجار، وهم يرون أن شعبهم ودينهم قد وُجِدا منذ وجود آدم وحواء على الأرض ويرى باحثوهم أن ديانتهم قد انبثقت عن الديانة البابلية القديمة في بلاد ما بين النهرين، ويرى بعض الباحثين الإسلاميين وغيرهم أن الديانة الإيزيدية هي ديانة منشقة ومنحرفة عن الإسلام، ويرى آخرون أن الديانة هي خليط من عدة ديانات قديمة.
غير أنهم فئة صغيرة مسالمة، عاشت في حالها آلاف الأعوام، لم تتدخل في شؤون الآخرين، أو تتعدى على أحد، وفجأة وإذا بالوحوش (الدواعش) يطبون عليهم، وعاثوا فيهم تمزيقاً.
ووصفت هجمتهم بأنها إبادة جماعية من قبل تنظيم «داعش» في العراق والشام تعرضوا لها في العراق، وذلك بعد بدء الحرب بين تنظيم «داعش» وإقليم كردستان، حيث انسحبت قوات البيشمركة من بلدة سنجار فقامت قوات «داعش» بالسيطرة على البلدة وقتلوا عدداً كبيراً من الإيزيديين يصل لنحو 5 آلاف شخص وقاموا بسبي العديد من النساء الإيزيديات، بينما هرب البقية إلى جبل سنجار وحوصروا هناك لعدة أيام، ومات العديد منهم هناك بسبب الجوع والعطش والمرض.
وفي قناة الـ(BBC) البريطانية شاهدت مقابلة لامرأة (إيزيدية) اسمها: (نادية مراد)، وبعد هروب تلك المرأة، تكلمت في مجلس الأمن عن مسألة الاتجار بالبشر.
وسبق أن دخلت قوات «داعش» عندما كانت نادية في عمر التاسعة عشرة لقريتها كوجو في سنجار، شمال العراق واحتلتها وجمع مقاتلو «داعش» الأقلية الإيزيدية في القرية وقتلوا 600 شخص إيزيدي، من ضمنهم ستة من إخوتها وأمها، وأخذوا النساء الشابات جواري، كانت نادية في تلك السنة ضمن أكثر من 6700 امرأة إيزيدية.
وذكرت أنهم اعتبروها سبية وجارية، حيث آلت إلى أحدهم، وكان يغتصبها كل ليلة، وفي أحد الأيام كان قد ذهب للاغتسال من الجنابة، ومن حسن حظها أنه نسي باب الدار مفتوحاً، فاستغلت الفرصة وهربت.
المأساة المركبّة أنه بعد طرد «داعش»، وإطلاق آلاف المأسورات، كان أغلبهن إما حوامل وإما يسحبن معهن أطفال السفاح الأبرياء، وما زالت المأساة قائمة يتفطر معها قلب الضمير الإنساني - هذا إن كان ما زال هناك من قلب وضمير.