طارق ترشيشي- السنيورة: «الطائف» مستهدَف.. وحلفُ الأقلّيات تفتيتيّ

  • شارك هذا الخبر
Thursday, September 12, 2019

لا ينظر الرئيس فؤاد السنيورة بإرتياح الى مسار الأوضاع والمعالجات المطروحة للأزمات السياسية والإقتصادية والمالية، ويرى أنّ البحث عن معالجة هذه الأوضاع يتم في «المكان الخطأ»، وينتقد بعض مواقف رئيس الجمهورية ميشال عون، متحدّثاً عن «توازن داخلي مختل»، محذِّراً من «أنّ «اتفاق الطائف» مستهدَف بما يعنيه من عيش مشترك، ومنع قيام حلف الأقلّيات المقصود منه فعلياً تفتيت البلد».
يرى السنيورة في دردشة له، أمس، مع مجموعة من الإعلاميين، «أننا نفتش عن الحلول للأزمات في المكان الخطأ»، ويقول «نحن الآن لدينا في الحدّ الأدنى 3 مجموعات من المخاطر التي نحن في خضمّها:

- المجموعة الاقتصادية والمالية التي تتضمن الآتي:

أـ العجز الكامل والكبير في موازنة الدولة.

ب - العجز الكبير في ميزان المدفوعات وهو حجز تراكَم على مدى 8 سنوات.

ج- العجز في النموّ بنسبة نصف الى واحد في المئة في السنة، وهو أدنى من نسبة الزيادة السنوية لعدد السكان.

- المجموعة الثانية: تتمثل في الخطاب الذي يزيد الاحتقان في البلد (كل جهة تحقن جماعتها، بحيث تعتقد أنها تتحدث اليها فقط وأنّ الآخرين لا يسمعون، ولكن تكون النتيجة مزيداً من الاحتقان ما يؤدي الى التشكيك بالركائز الأساسية لاتفاق الطائف والدستور والدولة وسلطتها وحياديّتها وحيادية المجلس الدستوري الذي شُكّل أخيراً بهذه الطريقة، وكذلك حيادية السلطة القضائية، ما يزيد من عدم الثقة بين الناس والدولة وبين الناس والمجتمع السياسي، إنّ هذا الجوّ هو جوّ طارد للكفايات وللناس الذين يمكن أن يفيدوا في مجال تشجيع الاستثمارات، وكل هذا أوجد حالةً من الخوف التي تدفع المواطن الى الملجأ الطائفي أو المذهبي.

ـ المجموعة الثالثة، وهي أنّ المشكلة ليست مشكلة التوازن الداخلي فقط، بل إننا نلعب بالتوازنات الخارجية كمَن يلعب في «ممرّ الأفيال». وحتى الآن ليس هناك تنبّهٌ للمشكلات».

ويرى السنيورة «أنّ المعالجات المطروحة للمجموعة الأولى من المخاطر بخفضٍ ماليّ من هنا أو هناك ليست كافية، إنّ كل ادوات المعالجة النقدية والمالية ضرورية ولكننا تخطينا هذه المعالجة التي تُعتبر كافية، الى حدٍّ أنّ الامور باتت تحتاج الى معالجة سياسية وليس بالأمور النقدية وغيرها. وانّ مجموعة المخاطر الثلاثة ينبغي معالجتها في الوقت نفسه لأنها متداخلة».

ويقول السنيورة رداً على سؤال حول «حزب الله» وخطابه وتأثيره على البلاد: «الناس من دون أن يدروا كأنهم باتوا ملتزمين بتفكير الحزب وأسلوبه.. وحتى اللحظة لا يبدو أننا قادرون على الاتفاق على قاعدة في الحياة هي «اعطِ خبزك للخباز» حتى تأخذ خبزاً، فشأننا العام ما عاد ممكناً إدارته بهذا الاسلوب، إذ بتنا مروّضين جميعاً وعقولنا ما عادت تفرز والتوازن الداخلي إختل».

وفي ردّ على سؤال يقول السنيورة إنه «في الحدّ الأدنى» كان يجب أن يصدر عن رئيسي الجمهورية والحكومة «موقفٌ يعترض» على موقف الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله في ذكرى عاشوراء.

ويضيف: «في الاشتباك الذي حصل على الحدود الجنوبية يجب أن يصدر موقف عن الدولة، وهناك مَن يغيّب الدولة كلياً». لكن يؤكد في المقابل أنه «يجب أن نرى دائماً أنّ إسرائيل هي العدو».

وينتقد السنيورة مواقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ويتهمه بارتكاب «إساءاتٍ»، ويقول: «لا ينبغي التفريقُ بين اللبنانيين حتى نكسب مزيداً من الناس تحت عامل الخوف، وإنّ مسطرة رئيس الجمهورية يجب أن تجمع الناس وعليه أن يتخلّى عنها لكي لا يحاسبه الناس عليها».

ورداً على تأكيد نصر الله الالتزام بالقرار 1701، يقول السنيورة «إنّ هذا القرار مثلما يحمي إسرائيل يحمي لبنان». وسلاح «الحزب» كان يُفترض أن لا يكون في الجنوب.

وهل يمكن إعلان حال طوارئ سياسية؟ يجيب السنيورة: «إعلان حال طوارئ سياسية هو في الأداء وليس في الإعلام».

وعندما يُسأل: الى أيِّ مدى يرى احتمالات نشوب حرب؟ يجيب السنيورة: «خلينا نمرّق الانتخابات الإسرائيلية».

ويؤكد السنيورة أنه يوجّه «رسالة أساسية الى الجميع» وهي «أنّ المعالجات المطروحة للازمات الماثلة لم تعد كافية عبر الوسائل المالية والاقتصادية، وانما ينبغي أن تعالج بالسياسة لاسترجاع الثقة المفقودة حتى «يشتغل» الاقتصاد».

ولمَن يوجّه هذه الرسالة؟ يجيب السنيورة: «الى مَن هم في السلطة الذين عليهم أن يعملوا لاسترجاع الثقة في الأداء وتأكيد المؤسسات واحترام الدستور لأنّ البعض يريد فرضَ مفهومه للدستور على الناس، وكذلك استعادة الثقة بالقوانين، وحتى الآن لم تنفَّذ قوانين الكهرباء، والبعض يريد أن يُعدّل القانون حتى لا تكون هناك هيئات ناظمة».

ويشير السنيورة في موضوع «إستعادة التوازن الداخلي»، الى أنه كان أثار هذا الموضوع مع رئيس الجمهورية ميشال عون «يوم استدعانا للتشاور عام 2017، وخرجت من هذا اللقاء وقلت إنّ التوازن الداخلي أصبح مفقوداً وكذلك التوازن في السياسة الخارجية».

وعن زيارته الأخيرة والرئيسين نجيب ميقاتي وتمام سلام للمملكة العربية السعودية وأين المملكة ممّا يجري في لبنان؟ يقول السنيورة: «قلنا ما يجب أن نقوله، وفي تقديري نهم (المسؤولون السعوديون) حتى 20 آب المنصرم كانوا معذورين لاهتمامهم بموسم الحج لأنّ النجاح في إتمامه يُعتبر مسألة اساسية بالنسبة الى المملكة، ولكن بعد 20 آب لنرَ».

ويلفت الى أنّ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز كان خلال اللقاء «ودوداً جداً»، وأنّ الجانب السعودي هو مَن أصرّ على التغطية الإعلامية لوصوله وميقاتي وسلام عند نزولهم من الطائرة.

ويعتبر السنيورة أنّ زيارة رؤساء الحكومة السابقين للسعودية والتي تندرج في اطار جولة على بعض الدول العربية هو موقفٌ يتّخذه رؤساء الحكومة السابقون للمرة الأولى في تاريخ لبنان، ويشير الى أنهم كانوا سيزورون الكويت بعد الرياض، لكنّ الجانب الكويتي تمنّى عليهم تأجيل هذه الزيارة الى ما بعد أيلول الجاري.

ويضيف: «ما قمنا به (زيارة السعودية) البلد في حاجة اليه، وموقفي هو الاستمرار، وإنّ الاستمرار في هذا الموقف وبهذا النحو لا بد أن يؤتي ثماره في شكل أو آخر».

ويقول: «إننا نقدّر الظروف التي تعيشها المملكة العربية السعودية، ونحن واعون لمشكلاتها في المنطقة التي تُعتبر الأهم لديها».

وعن الموقف السعودي من رئيس الحكومة سعد الحريري الذي تأخر اسبوعين على استقباله وميقاتي وسلام بعد زيارتهم الرياض، يقول السنيورة: «ما سمعته من الملك عن الرئيس سعد الحريري هو كلام تقدير، بل إنّ الملك هو مَن بادر الى الحديث عن الرئيس الحريري».

وعما يقال من وجود «نقزة» سعودية من علاقة الحريري مع عون ورئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، يكتفي السنيورة بالقول: «في حكي كتير في هذا المجال».

وعن رأيه في موضوع التسوية التي كان اجراها الحريري مع عون عام 2016، يقول السنيورة: «إنّ الحريري اعتبر أنه بهذه التسوية يحمي البلد».

وعمّا يتعرّض له «اتفاق الطائف» من تدمير ممنهَج على يد بعض اهل السلطة، يقول السنيورة: «إتفاق الطائف» مستهدَف بما يعنيه من عيش مشترك ومنع قيام حلف الأقليات المقصود منه فعلياً تفتيت البلد وهو مخالف لتوجيهات الفاتيكان حيث إنّ تيار البابا (في الدولة الفاتيكانية) يقف ضد هذا الحلف، وهو كان حريصاً على اعلان هذا الموقف خلال زيارته لدولة الامارات العربية المتحدة، وأنّ ما صدر في صيدنايا في هذا الصدد لا يعبّر عن موقف الفاتيكان».

وعن الجلسة النيابية المقرَّرة في تشرين المقبل لتفسير المادة 95 من الدستور يقول السنيورة: «كل الأساطين الذين يفهمون الدستور يقولون إنّ هذه المادة واضحة ولا تحتاج الى تفسير، إنه أمر خطير يحصل على المسيحيين وليس على اللبنانيين، وكأنّ البعض يريد أن يقول للمسيحيين «حصتكم محفوظة» ولكن في هذا الأمر تدمير للإدارة وللمجتمع، والمشكلة انّ البعض يريد تحويل المجتمع اللبناني الى «مادبوكر».

ويضيف: «قبل الحرب عام 1975 كان البلد يشهد تنافساً بين المسلمين والمسيحيين على مَن يرسل الى الإدارة أفضل ما لديه من الكفايات. ولكن ما يحصل الآن هو أنّ الجميع يرسلون اسوأ ما لديهم».

وعن كلام نصرالله عن العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على لبنان و»حزب الله» ومؤسسات مالية، ودعوة الدولة الى مواجهتها، يقول السنيورة: «إنّ هذا الكلام يبث مزيداً من الفتنة في الداخل، «شو قادرة الدولة تعمل مع هذا الواقع»، هل المراد تحريض الناس بعضهم على بعض، انظروا الى ما حصل للبنك العربي مثالاً».

وعن النفط والغاز الموعودين يقول السنيورة: «عم ينضحك عالناس»، حتى هذه اللحظة لا احد يستطيع ان يجزم بأنّ لدينا احتياطات مؤكدة».

وبعد أن يستعيد السنيورة مقطعاً من خاتمة فذلكة الموازنة لعام 2001 يوم كان وزيراً للمالية، يختم: «لن اتوقف عن كل جهد يمكن أن أبذله ويمكن أن لا يجدي»، ويرد في هذا السياق حديثاً شريفاً للنبي محمد فيه: «لو رأى أحدكم علائم يوم القيامة وبيده فسيلة فليغرسها».