دولار العصر الجديد....

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, August 21, 2019

كتب روي حرب في مقالته الاسبوعية :

في وقت تعيش فيه محطات التلفزة اللبنانيّة أزمات متتالية، بعد غياب المال السياسي عنها وتباطؤ نسب الإعلانات، ممّا أثّر سلباً على انتاجيّتها، وعلى قدرة الخلق لدى العاملين فيها؛ وفي وقت بدأت الأفكار المحليّة بالإندثار لصالح البرامج الأجنبيّة، أو ما يعرف بال format، بالإضافة الى غزو عوالم الإنترنت الساحة الإعلاميّة؛ برزت تقارير علميّة تشير الى أنّ التلفزيون (عالميّاً) سينحصر دوره تدريجيّاً في العامَين المقبلين لصالح مواقع التواصل الإجتماعي والمنصّات والمنابر الإلكترونيّة...

في هذا الوقت، وفي خضم التغيير الاستراتيجي في الساحة الإعلاميّة، برزت شبكة netflix العالميّة التي تجذب يوماً بعد يوم الشباب في مختلف البلدان العربيّة والعالميّة، وكما يعلم الجميع فإنّ البرامج المعروضة على هذه المنصّة تخضع لمعايير خاصّة من حيث الشكل والمضمون، ولذلك نتوقع دائماً مشاهدة الأفضل عليها.

عرضت هذه الشبكة (المنصّة) عدداً من الأعمال العربيّة واللبنانيّة، منها مسلسل الهيبة، والكاتب، وجنّ، وغيرها باللغة العربية، وعرضت الاسبوع الفائت مسلسل "دولار" الذي طال انتظاره، وتكثّفت عملية التسويق له، من بطولة عادل كرم وامل بوشوشة وعدد من وجوه الشاشة اللبنانيّة، وانتاج شركة الصبّاح. يتّسم المسلسل بالطابع الكوميدي والتشويق بصورة أخّاذة واخراج مميّز واضاءة تعكس جمال الصورة والموقع.

تتناول القصّة أحداثاً إنسانيّة مختلفة، وتنقل وجهات نظر عديدة، فترانا نغرق تارة في عالم الملاهي الليليّة القذرة، وفي عالم الكآبة والبكاء على الأطلال، وترانا طوراً في موقع تصوير مسلسل او نصلّي مع الجموع، او نبكي مع أمّ ترفض الاستسلام لموت ابنها ونضحك مع ساحر يعرف كيف يسحر جمهوره العريض، ونتعاطف مع ابنته.
جميلٌ ما شاهدناه، خصوصاً لجهة ضمّ وجوه معروفة عديدة في مسيرة البطلين، وقصص ثانويّة مشوّقة الى جانب القصّة الرئيسية؛ فكأن كلّ من شارك في هذا العمل كان ضيف شرف عليه، وهنا تكمن القيمة المضافة.

القصّة جديدة على الشاشات اللبنانيّة، رغم بعض العقبات في الحبكة الدراميّة التي لا تقنع المشاهد، وتذكّرنا ببعض الأفلام المصريّة القديمة في عدد من جوانبها.

البطلة (امل بوشوشة) باتت تتقن اللكنة اللبنانيّة بامتياز، وتؤدّي دورها باتقان ملفت وتتناغم بشكل رائع مع البطل (عادل كرم) الذي عرف كيف ينفض عنه الطابع الكوميدي منذ فترة في افلامه السينمائيّة وفرض نفسه اليوم ممثلاً قديراً بعيداً عن الرومنسيّات التقليديّة في المسلسلات اللبنانيّة التي تكثر على الشاشات فقط لكنّها سرعان ما تتقلّص من الذاكرة الجماعيّة يوماً بعد يوم.

رغم تعدّد القصص التي تلاحق الأبطال، والمماطلة في بعض الحوارات إلا أنّ النهاية كانت متوقعة وغير صادمة؛ وجاء دخول ابطال الهيبة فيه هزيلاً لا طعم له ولا لون.

اللافت هو عدد الحلقات (موسم واحد - ١٥ حلقة) وهي خطوة جريئة تبتعد عن المسلسلات الطويلة رغم انّ النهاية جاءت مفتوحة لموسم ثانٍ، وقد سئمنا التباطؤ في احداث المسلسلات لمصالح تجاريّة بحتة؛ فكأنّي بهذا المسلسل عدت الى مواسم عزّ تلفزيون لبنان حين كان أقوى الإنتاجات وأضخم القصص تنتهي في 13 حلقة.
العمل جيّد بالمطلق، غريب عن المنطق السائد ويستحق المشاهدة.

الدعوة مفتوحة اليوم لمحطات التلفزة كي تحذو حذو المنصات الالكترونيّة وتحرّرنا من قصص باتت بالية، ومن بطولات أحاديّة، وتطويل ممل لا نفع فيه ولا جدوى منه.
عسانا نقتدي بعلم الاقتصاد فنحضّر في الإعلام وثبة جديدة تمنع التدهور الحالي ونفتح المجال لأفكار جريئة في الدراما اللبنانيّة كي تتحوّل الى صناعة مربحة فكريّاً وماديّاً...

#خدونيعقد_عقلاتي

روي ج. حرب