كمال ذبيان- أردوغان... «العثماني» بدأ يفقد مشروعه وتحالفاته تتزعزع !

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, August 21, 2019


نجح الجيش السوري مع حلفائه في التقدم نحو ريف حماه وجنوب محافظة ادلب وسيطر على الطريق الدولية بين حلب وحماه، بعد طرد «الجماعات الارهابية» المسماة «هيئة تحرير الشام»، وهي فرع من تنظيم «القاعدة» بعد ان تخلت عن اسمها «جبهة النصرة» بقيادة «ابو محمد الجولاني»، اذ شكل استرجاع القوات السورية لمدينة «خان شيخون» كموقع استراتيجي، هزيمة ليس «للتنظيم الارهابي» وحلفائه من «الجبهة الوطنية للتحرير» و«جيش العزة» بل لتركيا التي تدعم هذه المجموعات الارهابية، تساندها قطر، كدولتين حليفتين، استندا الى فكر «الاخوان المسلمين» المتمثل «بحزب العدالة والتنمية» في تركيا الذي اسسه رجب طيب اردوغان، لينطلق منه في مشروع توسعي اقليمي، يستعيد عبره «السلطنة العثمانية» فكان لا بدّ من ابتداع ما سمي «الربيع العربي» الذي لقي دعماً من الادارة الاميركية في اثناء ولاية حكم الرئيس باراك اوباما.

وبدء خسارة المجموعات الارهابية لآخر معاقلها في محافظة ادلب، هو بداية لسقوط المشروع التركي - القطري، في وصول «الاخوان المسلمين» الى الحكم في سوريا كما دول اخرى، وفق قراءة ديبلوماسية عربية لما يجري في ادلب التي يخوض النظام في سوريا، معركة تحريرها ليس من التنظيمات الارهابية، بل من الاحتلال التركي في توصيف سوري للوجود العسكري في شرق الفرات، واقامة قواعد عسكرية لمحاربة اي «حكم ذاتي» للاكراد في هذه المنطقة الممتدة من الحسكة الى عفرين، حيث تحاول انقرة ان تصل الى تفاهم مع اميركا كداعمة لتنظيم «حماية الشعب الكردي» الى اتفاق حول الوجود الكردي في شرق الفرات، الى ان صعوبات تعترض الوصول اليه، كالموقف الروسي الداعم لوحدة سوريا، اضافة الى ان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان يواجه ازمات داخلية، داخل «حزب العدالة والتنمية» الذي يبدو انه متجه نحو الانقسام.

فالتوسع التركي الذي بدأه اردوغان في اكثر من دولة عربية، باقامة قواعد فيها، ومحاولة تغيير انظمتها لاقامة اخرى تحمل «الاخوان المسلمين» الى الحكم، قد بدأ بالانحسار، وفق المصادر التي تشير الى «فشل المشروع الاخواني»، في سوريا والذي لم ينجح في ليبيا، وخسر في السودان، وسقط في مصر، وتراجع في تونس، مما يعني ان تركيا برئاسة اردوغان الى مزيد من التأزم الداخلي، والذي بدأ مع الانقلاب الفاشل ضد الرئيس التركي، في صيف 2016. ونتج عنه حملة تصفيات واعتقالات داخل مؤسسات الدولة وخارجها، مما زاد من نفوذ المعارضة ضد «حزب العدالة والتنمية» الذي تراجع في الانتخابات البلدية الاخيرة لصالح «حزب الشعوب القومية» لا سيما في اسطنبول ومدن رئيسية اخرى، وكانت رسالة سلبية بتراجع شعبية الحزب، الذي استفرد رئيسه فيه بالسلطة، وحوّل النظام السياسي من برلماني الى رئاسي، وهذا ما ادى الى نشوء ازمة اقتصادية، وانخفاض سعر صرف الليرة التركية امام العملات الاجنبية، وظهور توتر في العلاقات التركية - الاميركية، بعد صفقة صواريخ «اس - 400» الروسية الصنع، ووقف صفقة الطائرات الاميركية او تجميدها (اف - 35)، وكذلك موضوع النفط في قبرص، وتوتر العلاقات مع اليونان ودول اوروبية.

فالرئيس التركي، في اسوأ وضعه السياسي الداخلي، مع سيل الازمات التي تعصف ببلاده، كما علاقاته المتوترة مع دول عربية، باستثناء قطر التي يقيم تحالفا معها، بوجه السعودية والامارات ومصر والبحرين، وانشأ فيها قاعدة عسكرية ليكون له موطئ قدم في الخليج وفق المصادر، التي ترى ان الوجود العسكري التركي في القاعدة القطرية التي افتتحت عام 2016 وتتسع لحوالى ثلاثة الاف جندي، من قوات بحرية وجوية وبرية، قد زاد من التوتر في المنطقة، مع تمدد النفوذ التركي الذي وصل الى الصومال في القرن الافريقي، وان هذا التوسع سيخلق في مرحلة ما توترا خليجيا - تركياً. قد تكون قطر محرجة به، وربما قد لا تقبله تقول المصادر، التي يرى ان الوجود العسكري التركي قد يساهم في زيادة الحصار العربي الذي تفرضه السعودية على قطر، الى نشوء تناقض تركي - قطري، لن يكون لصالح الحليفين اللذين ستتضارب مصالحهما، وقد يلجأ اردوغان الى احكام السيطرة على قطر التي تخشى ان يقوى نفوذ «الاخوان المسلمين» فيها، ما يعرّضها الى حصول تغيير في نظامها، على غرار ما حاولت تركيا ان تفعله في دول اخرى مع قطر، وفق قراءة المصادر التي لا ترى ان اردوغان المتهالك داخلياً ، والذي فشل مشروعه «العثمانية الجديدة»، قادر على ان يستمر في التوسع بقواعد عسكرية مكلفة مالياً، وان صعود قوى المعارضة من داخل حزبه، الى احزاب اخرى، قد يعرضه لفقدان المشروع الامبراطوري الذي كان يعد له.