مالك مولوي- عنصري.. وأفتخر!

  • شارك هذا الخبر
Monday, June 17, 2019

يصر وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل على أن يحتل، هو شخصياً، رقماً قياسياً في مجموعة غينيس من حيث استعمال المفردات العنصرية في خطاباته الشعبوية.

"من الطبيعي أن ندافع عن اليد العاملة اللبنانية بوجه أي يد عاملة أخرى أكانت سورية، فلسطينية، فرنسية، سعودية، إيرانية أو أميركية، فاللبناني قبل الكل". كانت هذه تغريدة وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل وراء اندلاع جدل على مواقع التواصل الاجتماعي، تداعياته لا تزال متواصلة حتى الساعة".

وأتت تغريدة وزير الخارجية اللبناني، الذي تبرأ منه جزء كبير من اللبنانيين عبر رفع عريضة للرأي العام العالمي تحت عنوان "جبران باسيل لا يمثلني"، التي ركز فيه على الأولوية للمواطن اللبناني في الاستفادة من فرص العمل المتاحة، ما دعا بعض المتابعين بتشبيه خطابه بخطاب اليمين المتطرف في أوروبا .

وبدل أن يكحلها، عماها وغرد : " للأسف هناك من لا يفهم ماذا يعني أن تكون لبنانيتنا فوق كل شيء وماذا يعني أن نشعر برابطة الدم وماذا تعني عبارة الأرض بتجمع وماذا يعني أن الانتماء اللبناني هو انتماء لحضارة وتاريخ .

يختبئ الوزير وراء "الانتماء للوطن وللأرض"، دون أن يعترف بأن الطائفية والدين هما ما يقصده من هذا الانتماء. ربما غفل عن الواقع والتاريخ في لبنان يشير إلى أن الانتماء للهوية الوطنية هو بحده الأدنى بسبب نظام طائفي وسياسي قائم على أيديولوجيات طائفية ومذهبية ومناطقية. وسؤالنا للوزير هو أننا لم نشهد أي تكريس فعلي لعبارة "الأرض بتجمع" منذ إتفاق الطائف مروراً بوصول تياره السياسي الى السلطة وصولاً الى يومنا هذا !

إنه الخيال العجيب "لوزير العنصرية" كلما أراد أن يشد العصب القومي والديني ! فطموحه لرئاسة الجمهورية قد يكون السبب في ذلك وقد يزداد أكثر فأكثر مع قرب الاستحقاق الرئاسي .

العنصرية هي ظاهرة متفشية في العديد من دول العالم ، لكنها ليست شيئاً مجرداً يمكن قياسه بشكل دقيق. وحتى في استطلاعات الرأي يرفض الكثير من الناس الاعتراف بعنصريتهم، كما أن بعض الأشخاص لا يشعرون أو يعترفون أنهم عنصريون..

هذه العنصرية نعيشها يوميا في تعاملنا مع بعضنا وبالأخص مع الطبقات الأقل منا مستوى. الحكومة تعامل الشعب بعنصرية، والشعب يعامل المستقدمين الأجانب بعنصرية، نحن نمارسها في حياتنا اليومية لأنها متغلغلة فينا.
في الدول العربية الكثير من الأقليات الأثنية والدينية والعرقية وينظر لهم المجتمع كطابور خامس أو كأقليات يجب إبادتها. نحن لا نحترم هذه الأقليات وننظر لهم دائما بنظرة المشكك والعمالة للغرب ولا نربي أولادنا على محبة الآخر كمواطنين في البلد الذي نعيش فيه.

منذ يومين، توفي طفل سوري تعرض للضرب على يد مجموعة من الأطفال يكبرونه سناً. هؤلاء جميعهم ضحايا العنصرية التي نتحمل تبعاتها وتبعات وزير خارجيتنا.
إذن تكاد العنصرية أن تكون موجودة فينا جميعا" ولكن بدرجات متفاوتة. قد تكون مرتفعة وقد تكون في أدنى درجاتها وبأشكال مختلفة، فالوطن والحزب والعرق والجنس والمنطقة والحي وغيرها هي مجالات لإظهار العنصرية الكامنة في داخلنا.

وتزخر التقارير المقدّمة من الأمم المتحدة بأشكال التمييز العرقي والقومي والديني للدول العربية كلها، حيث لا يقتصر التمييز ضد الأجانب، وإنما ضدّ المواطنين أيضاً، ولا تجد الدول العربية إلا التبرير غير المقنع.
هذه الممارسات المقيتة، على النخب السياسية والثقافية والحقوقية الاعتراف بها والتصدي لها قبل أن نطلب من مؤسسات الدولة سن القوانين التي تحد من هذه الآفة.

في مصر يسخرون من السوداني وفي السودان من الإرتيري، وفي إريتريا من الصومالي وفي لبنان من السوري والفلسطيني كما يعبر "وزيرنا" في كل مناسبة .

الحال عندنا أسوأ مما هو عندهم. هم عنصريون لكن صرحاء ولديهم ما يخافون عليه من الأجانب الزاحفين على بلدانهم. نحن عنصريون ومنافقون ندّعي عكس ذلك ونتلطى وراء "الدين" او وراء "المصلحة الوطنية" .

لسوء حظنا كبرنا في مجتمعات مصابة بالانفصام. تكره الآخر وتدّعي العكس. تجهل الآخر ولا تسعى للتعرف عليه. مجتمعاتنا في مقدمة مصدّري المهاجرين بكل أصنافهم . نحن في لبنان نضجر من رؤية "السوري أو الفلسطيني أو حتى العراقي"، يحمل نفس طموحنا وأحلامنا، يتجوّل في شوارع مدننا. نهين الغريب في مجتمعنا ثم نهاجر إلى أوروبا أو أمريكا فنبكي من العنصرية وكره الآخر لنا.

علينا البحث عن طريق آمن لمناهضة العنصرية . جميعنا عنصريون بنسب متفاوتة. الا أن الوحيد الذي يستحق عن جدارة دخول مجموعة غينيس للمفردات العنصرية هو "وزير خارجية لبنان" الذي يصيبني الغثيان من ذكر اسمه احيانا!


مالك مولوي- منتج برامج في شبكة الجزيرة الاعلامية