العميد المتقاعد عدنان غيث- محاربون ابطال ومحاربون بين مزدوجين

  • شارك هذا الخبر
Sunday, May 19, 2019

منذ استقلاله عام ١٩٤٣ عاش لبنان اثنتا وثلاثون سنة من الأمن والسلام حاز فيها على ألقاب سويسرا الشرق، لبنان الأخضر، بلد الإشعاع والنور، و و و، ونُظمت لإسمه الأشعار وغنت له اساطير الغناء، دخل بعدها في أتون حرب أهلية كان ابطالها احزاب ومنظمات وتيارات لبنانية وطنية.
انتهت الحرب بعد ان اختارت الجهات الخارجية استغلال نصر انهيار الاتحاد السوفياتي والتوجه إلى منطقة الخليج للسيطرة على اهم منابع النفط في العالم عسكرياً وسياسياً في آن، فلزّمَتْ في العام ١٩٩٠ الملف اللبناني لسلطة هجينة خلقت من رحم الحرب الأهلية وأبطالها الذين حاربوا بعضهم البعض طيلة خمس عشرة سنة دون كلل او ملل "حفاظاً على علم بلادهم وذوداً عن وطنهم لبنان"

الآن وبعد طول مقدمة هل عرفتم من هم المحاربون القدامى؟

انهم هم اسيادنا،

سياسيو لبنان، "هم الذين وضعوا ارواحهم في اكفهم، هم من سقط لهم الشهداء، هم من أصيب ابناؤهم بجروح وتقطعت لهم الأعضاء، هم الذين ثُكلت امهاتهم وترّملت زوجاتهم وتيتمت أطفالهم، هم من خُطفوا وعُذبوا وهم من نكل بهم، هم الذين حرموا لقمة العيش وعانوا من انهيار الليرة اللبنانية وهم من سدوا افواه عيالهم بقوت من رواتبهم التي وصلت إلى حد العشرين دولاراً اميركياً".

أما انتم يا من تعتبرون انفسكم محاربو الجيش اللبناني والمؤسسات الأمنية القدامى، يا من تعترضون وتعتصمون حفاظاً على قوت اولادكم، ماذا قدمتم للبنان؟
فلبنان الذي أقسمتم للدفاع عنه قد "وصل إليكم دون عناء، ودون ان تدفعوا ضريبة الدم كالتي دفعها السياسيون الحاليون".
ان تضحياتكم التي تمننون الشعب اللبناني بها هي جزء يسير مما دفعه هؤلاء طيلة خمس عشرة سنة، ان معاناتكم، عرقكم، سهركم ودمائكم التي هدرها العدو الاسرائيلي واستباحها التكفيري واللآتي تخطون قبس منها على يافطات اعتصاماتكم لا تستحق الذكر امام "ما بذلوه لننعم بما لدينا الآن من دين عام تخضرم بين ٩٠ و ١٠٠ مليار دولار اميركي، من نفايات ملأت الطرقات وتحاول ان تعاود الصعود مجدداً إلى منازلنا، من كهرباء قطاع عام وقطاع خاص، من هاتف وطبابة ومدارس وضمان إلى آخره من أزمات ليس لها آخر".

يا من تنتحلون صفة محاربون قدامى ومتقاعدون، ان لبنان الذي تنعمون به الآن قد بلغت نسبة البطالة فيه اكثر من ٤٠٪؜ وعدد المهاجرون منه خمسة أضعاف من بقي فيه، ونسبة المقيمين فيه من غير اللبنانيين تساوي نصف عددكم، وهو من نتاج تضحيات السياسيين، فماذا قدمتم انتم للبنان؟

هل انتم من شربتم الحميم مع الشعب اللبناني من عملية تصفية الحساب في العام١٩٩٣ أم انتم الذين أكلتم مع اهلكم ونسائكم من عناقيد خمر قانا في العام ١٩٩٦ ام انتم الذين قصصتم الشريط المحتل بأياديكم العارية وافتتحتم فجر حرية مع شعب بطل في العام ٢٠٠٠ أم انتم الذين لقنتم العدو مع الشرفاء في الوطن دروساً في القتال والأمن والمحافظة على العْرض في العام ٢٠٠٦ وطهّرتم الجرود من نجس التكفيري والإرهابي، " ان لسان حال سادتنا السياسيون يقول كلا!! بل كل ذلك كان نتيجة ما حققته لنا سياساتهم المتماسكة الحكيمة التي صنعت لبنان ولا تزال تحافظ عليه بوعيها وحكمتها دون زيادة بل نقصان".

بعد هذا الاستعراض والمقارنة، هل ما زلتم تعتبرون انفسكم أنكم محاربون قدامى؟؟؟
يا متقاعدون، هل اقتنعتم الآن انهم "هم المحاربون القدامى ولا يزالون يحاربون ليحافظوا لنا على الرفاهية التي نعيشها وابنائنا وسيعيشها احفادنا؟".

كلا بالطبع، فذلك لا يقبله الا مجنون مغرور.

أيها المتقاعدون الأبطال انتم المحاربون الشرعيون الشرفاء وهم المحاربون اللاشرعيون اللقطاء، امضوا في اعتراضاتكم وحاصروهم وقرّوا أمام بيوتهم ومقراتهم ولا تطيعوهم ولا ترضوا بشعرة من الجنزير بل طالبوا بالجنزير كله ملفوفاً على رقاب من يتجرأ عل كرامتكم.