نهاد المشنوق- 16 أيّار: المفتي الشهيد ، والبطريرك العنيد...

  • شارك هذا الخبر
Saturday, May 18, 2019


"القدَرُ لا يخطىء. ولا مجالَ لتزامنٍ كهذا، من دون تدبير.

ودّعنا بالأمس البطريرك العنيد في ذكرى المفتي الشهيد. رحل البطريرك صفير في ذكرى ارتقاء المفتي حسن خالد شهيداً.

وإذ يرحلان في تاريخٍ واحد، بفارقِ ثلاثين عاماً، يفتحان بابَ التلاقي، تماماً كما فتحاه في حياتيهما، بينهما، وبين اللبنانيين.

"مفدي" لبنان، كما ينطقه البيارتة – ولو أنّه فاتهم إحياء ذكرى اغتياله – من أوائل المعترضين على كلّ وصاية، وهو شهيد التلاقي الإسلامي المسيحي على عنوان سيادة لبنان، بوجه كلّ احتلال، من خلال "اللقاء الإسلامي".

وبطريرك أنطاكيا وسائر المشرق أفنى حياته حاملاً راية المقاومة السياسية، وحمى "اتفاق الطائف" باعتباره أفضل الممكن لدوام التلاقي بين اللبنانيين، ورعى الاستقلال الثاني.

في تاريخ واحد، نتذكّر أنّهما تركا لنا درساً كبيراً في الحريّة، وفي الجرأة على قول "لا" أمام "الاحتلال السياسي"، وجَمَعا هذه الـ"لا" في سيرتيهما.

المفتي دفع حياته ثمناً لإيمانه بالحريّة والاستقلال، والبطريرك أفنى حياته في القتال من أجل الحريّة. وصداقتهما الشخصية والسياسية دفعت صفير إلى فتح أبواب بكركي لتقبّل التعازي باستشهاد المفتي، ليقول: هذا شهيد لبنان، وليس شهيد المسلمين وحسب.

ولأنّ القدَر لا يخطىء، يرحل البطرك في الذكرى الثلاثين على اغتيال المفتي، ونحن نعيش "احتلالاً سياسياً" مشابهاً لما واجهاه، احتلالاً متنقّلاً بين الطوائف من جهة، وبين المذاهب من جهة أخرى، وكما في زمنيهما، قلّة تجرؤ على الوقوف والإعتراض.

نتذكّر المفتي الشهيد ونشيّع البطريرك العنيد، ليستيقظ فينا وفاءٌ كدنا أن ننساه، وهو الإلتزام بشهادة المفتي وبثبات البطريرك، فلا خلاص للبنان إلّا بما تركاه من دروس، وهي أن نستمرّ في المقاومة السياسية، على ثغور لبنان، وفي وديان السياسة وعلى جبال "الاحتلال السياسي"... وهو لن يطول".