تلقت وزارة الصناعة قرار مجلس الشورى الذي قضى بإلزام الوزارة، إعادة ترخيص العمل لشركة "إسمنت الأرز"، التابعة لـ"آل فتوش" في منطقة عين دارة في قضاء عاليه، وعليه فان الوزارة تأخذ هذا القرار على محمل الجد وتتعاطى معه بمعزل عن المزايدات السياسية والشعبية، وإن إعتبرت في بيانها، أنّها ماضية في الإجراءات القانونية لاثبات قرارها وبأنّها لن تخذل الرأي العام حتى إحقاق الحق.
قصة عين دارة أشعلت الخلاف بين "الحزب التقدمي الاشتراكي" الذي إتخذ ممثله في الحكومة وائل ابو فاعور قرار وقف العمل بالشركة، وبين "حزب الله" الذي إتخذ ممثله في الحكومة الاسبق حسين الحاج حسن قراراً بالترخيص لهذه الشركة، فيما جاء الرد على قرار مجلس شورى الدولة على لسان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، بالقفز فوق كل المحرمات السياسية التي يبني عليها "حزب الله" عقيدة المقاومة وتطرق الى قضية مزارع شبعا وهي في قاموس "حزب الله" ممنوع المس بها.
ورغم الدور الوسيط والمقرب الذي لعبه الرئيس نبيه بري، الذي نجح بجمع الفريقين، الا ان الاجواء مازالت متشنجة بينهما، فالإجتماع الأخير كان صريحاً جداً وخرج بنتائج سلبية، وقد أفادت معلومات خاصة لـ"الكلمة اونلاين" أنّه جرت مساعٍ لعقد لقاء ثانٍ برعاية بري، الا انّها "ساقطة في الوقت الراهن".
من جهته، يري "الحزب الاشتراكي" أنّ "حزب الله" يطوقه من كل الجهات، سياسياً وامنياً، ويقلب الشارع الدرزي ضده، فيما "الحزب" ينفي هذه المقاربة، معتبراً أنّه لو أراد إضعاف جنبلاط لكان فعل خلال الانتخابات النيابية والدلائل على ذلك كثيرة جداً، من حاصبيا الى الجبل...
بالتأكيد فان ملف عين دارة كان الشعرة التي قسمت ظهر العلاقة بينهما، فبالنسبة لـ"الحزب" فإنّ ابطال ابو فاعور قرار الحاج حسن يُعد أمراً خطير جداً، فيما يملك "التقدمي" معطيات خطيرة عن الاضرار البيئية والصحية التي يسببها هذا المعمل.
وعلى مقلب "حزب الله"، فإنّه يعتبر أنّ "جنبلاط اليوم غير جنبلاط الامس"، أي الفترة التي أُحيطت بالعام 2005، إذ كان "رأس حربة" في الزعامة اللبنانية وسط غياب القيادات الميسيحية عن الساحة السياسية، اما اليوم فهو زعيم في الطائفة الدرزية مثله مثل النائب طلال ارسلان وغيره في الطائفة، وبالتالي لا يستطيع ان يغير في المعادلات، وقد إتخذ حجمه الطبيعي.
الى ذلك، تردد مصادر "الحزب" في المجالس الخاصة أنّ جنبلاط يمارس "حرفة الابتزاز"، كما كان يمارسها مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري... فاليوم وبحسب المصادر، فإنّ جنبلاط "يحاول الابتزاز ويعارض قيام معمل الأسمنت في عين دارة ليس من اجل البيئة وصحة الناس بل من اجل معمل سبلين وبيع إسمنته في سوريا". وبذلك فإنّ "جنبلاط قد يفعل اي شيء لادخال أسمنت سبلين الى سوريا التي تنتظر ورشة اعمارية ضخمة، حتى لو غير اسم المعمل او ادخلها تحت اسم اخر لانه " مغضوب عليه في دمشق" وهو اي جنبلاط يعرف انه لا يستطيع تحقيق ذلك الا من خلال "حزب الله" ومن خلال استهداف معمل عين دارة، الذي يستهدف تصريف إنتاجه في سوريا ايضاً"، حسبما تفيد مصادر "الحزب".
في أي حال، بات من المؤكد أنّ معركة الدخول الى سوريا عبر معبر اعادة الإعمار وما لها من فؤائد مادية كبرى على المستثمرين وعلى المساهمين في هذه الورشة، ستكون عنوان المرحلة المقبلة.