د. إيلي جرجي الياس- غريب، عجيب، أمر الإدارة الأميركية!!

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, May 15, 2019

بعد أربعين عاما، تستيقظ الإدارة الأميركية السياسية، بقيادة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، على حجم الخطر الإيراني على منطقة الشرق الأوسط والعالم الحر والديمقراطية العالمية، وهي منذ بضع سنوات زمن الرئيس الأميركي باراك أوباما، كانت تفاوض إلايرانيين مباشرة، وتصفهم بالند الشريف والحريص على السلام في المنطقة. يا للغرابة الأميركية في مجال السياسة الخارجية!!
الرئيس الأميركي دونالد ترامب نفسه، يتقلب يمينا وشمالا، في معرض علاقة الولايات المتحدة بالنظامين السوري والكوري الشمالي، وحتى في معرض العلاقة مع الأنظمة الخليجية، على وقع مصالح الولايات المتحدة الاقتصادية حصرا مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة اعتماد ردات الفعل العشوائية بمواجهة السياسة الروسية الخارجية المركزة والهادفة. مواقف أميركية في السياسة الخارجية تتعدى الغرابة حتى حدود السخرية الكاملة!!
الإدارة الأميركية نفسها، استيقظت بعد أربعين عاما أيضا، على حجم الخطأ الهائل في مقاربة أزمة الصراع بين الولايات المتحدة الأميركية وفيتنام، سياسيا وعسكريا، هذا الخطأ الذي جر حربا ضروسا وطويلة من حيث عدد السنوات، ومكلفة جدا من حيث الخسائر البشرية والمادية على الطرفين. مجددا يبرز مقدار الغرابة في طريقة تعاطي الأميركيين مع الأحداث التاريخية الكبرى، أداء متسرع حين اتخاذ القرار يجر الويلات، وتقييم سريع في زمن لاحق، وفقا للتغيرات والتقلبات السياسية!!
ومن غرائب الإدارة الأميركية، إقدامها بعد أربعين عاما من نهاية الحرب العالمية الثانية، على ملاحقة النازيين، بدءا من عهد الرئيس رونالد ريغان، وبذلك تكون استفادت من خدماتهم، لفترة طويلة من الزمن، في مواجهة الشيوعية العالمية!! عجيب وغريب أمر الولايات المتحدة الأميركية، وهي زعيمة العالم الحر، تنادي بالحرية والديمقراطية، ولكنها تتخذ القرارات العشوائية، كما وتدعم أنظمة ديكتاتورية، أو عنصرية، بالإضافة إلى دعمها المطلق لمشروع إسرائيل العنصري في السيطرة على فلسطين، بمواجهة الحقوق العربية والفلسطينية المشروعة والمحقة!!
يقينا أن السياسة الخارجية الأميركية في قيادة العالم الحر، عرفت مرحلتها الذهبية في الفترة الممتدة بين عهد الرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت الطويل الأمد، وعهد الرئيس الأميركي جون كينيدي، الذي تم اغتياله بشكل رهيب، وما زال البحث عن الفاعلين الحقيقيين جاريا!! وبعد هذه المرحلة، أصبحت السياسة الأميركية الخارجية معقدة ومتقلبة وعشوائية للغاية، حسب رغبات الإدارة الأميركية، وبشكل أساسي حسب المصالح الأميركية المالية والاقتصادية والسياسية والعسكرية، مهما رتب ذلك على شعوب العالم من مآسي وويلات ومشاكل!! وكأن الأميركيين نسوا قيمهم الديمقراطية ودورهم الرائد في القضاء على العنصريتين الفاشية والنازية زمن الحرب العالمية الثانية!!


د. إيلي جرجي الياس- أستاذ جامعي، وباحث استراتيجي