بلدية بيروت افتتحت حديقة المتروبوليت الياس عودة.. شبيب: حبك لبيروت أنبت حبا في قلوب أهلها

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, April 9, 2019

افتتحت بلدية بيروت حديقة المتروبوليت الياس عوده، في شارع لبنان – الصيفي، بحضور ممثلة رئيس الحكومة سعد الحريري وزيرة الدولة لشؤون المرأة فيوليت الصفدي، ممثل شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن الشيخ مروان الزهيري، رئيس الكنيسة القبطية في لبنان الأب رويس الأورشليمي،

المعاون البطريركي لبطريركية الارمن الكاثوليك المطران جورج اسادوريان، متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة، رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر، ممثل نائب رئيس مجلس الوزراء غسان حاصباني إيلي حاصباني، وزيري الدفاع الوطني الياس بو صعب والعدل ألبرت سرحان، النواب: أمين شري، نزيه نجم، نديم الجميل، هاكوب ترزيان، نقولا صحناوي، عدنان طرابلسي، وعماد واكيم، الوزيرين السابقين الدكتور طارق متري وميشال فرعون، محافظ بيروت القاضي زياد شبيب، رئيس المجلس البلدي لبيروت جمال عيتاني وأعضاء من المجلس البلدي، إضافة إل فاعليات سياسية وروحية واقتصادية واجتماعية.

بعد النشيد الوطني، استهل الاحتفال بكلمة لرئيس لجنة الحدائق في البلدية غابي فرنيني قال فيها: "منذ انتخاب المجلس البلدي الحالي وتعييني رئيسا للجنة الحدائق، تمكنا من تحقيق أكثر من إنجاز ووضعنا على سكة التنفيذ أكثر من مشروع، لكن المشروع الذي نحتفل بافتتاحه اليوم يعني لي الكثير. بالطبع، لأنه عبارة عن مساحة خضراء جديدة تمكنا من حمايتها في مواجهة زحف الباطون بالعاصمة، ولأننا حرصنا على تنفيذه بشروط بيئية وجمالية تليق ببيروت، ولأنه مشروع انتظرناه طويلا، ولكن قبل كل تلك الأسباب، لأن هذا المشروع يحمل اسم شخصية استثنائية على الصعيدين الوطني والروحي، وتعني لي الكثير على الصعيد الشخصي، لا سيما أنه المرشد الذي نستنير بنصائحه وإرشاداته، وصوت العقل والحق الذي ارتفع في مناسبات كثيرة، وسيبقى كذلك عند كلّ خطأ وكلّ تجاوز يرتكب".

وتوجه إلى المطران عودة بالقول: "سيادة المطران الياس عودة، هذه الحديقة تحمل اسمك، الذي سيبقى منارة للعاصمة بيروت، بكلّ أطياف سكانها. بيروت، التي مهما تمزقت ستبقى شريانا واحدا في الجسد اللبناني، بيروت التي تستأهل منا حدائق وملاعب وجسورا وأنفاقا ومسارح وساحات".

وشكر لمحافظ بيروت "جهوده الدائمة في خدمة بيروت واهلها". كما شكر لـ"عيتاني ونائبه إيلي أندريا وأعضاء المجلس، ونائب رئيس المجلس البلدي السابق المهندس المعماري نديم أبو رزق ما بذلوه".

من جهته، قال نائب رئيس المجلس البلدي السابق المهندس المعماري نديم أبو رزق: "إن هذا المشروع، الذي نفتتحه اليوم هو الحلم الذي أصبح حقيقة، وكان لي شرف مواكبة انطلاقته في بلدية بيروت خلال عام 2013، وأساهم لاحقا في تصميمه والإشراف على تنفيذه حتى الإنجاز النهائي اليوم".

وأشار إلى أن "حديقة المتروبوليت الياس عودة هي مشروع نموذجي يبعث الروح في شارع لبنان، وهو أحد أحياء مدينة بيروت العريقة"، عارضا دور هذه الحديقة في "أن تكون متنزها للحي ومكان تلاق وتفاعل لأبناء المنطقة".

ثم تحدث عن المراحل الأولى لانطلاقة هذا المشروع، وقال: "كان أحد المطورين العقاريين في صدد إنشاء برج سكني ضخم مكان هذه الحديقة، ولكن بعد الانتهاء من الحفريات، حدث خلل تقني في التدعيم تسبب بتصدع كبير في الكنيسة، الأمر الذي أدى إلى تدخل سريع أوجب وقف أعمال البناء وإعادة ردم كامل العقار. وعلى وقع هذا الوضع الناشىء وقتها، اتخذت بلدية بيروت قرارا استثنائيا قضى بوضع اليد على هذا العقار بهدف إنشاء حديقة، وتحتها مرآب عام للسيارات".

وتطرق إلى التفاصيل الهندسية والمواد المستعملة فيها، وقال: "إن الحديقة مهيأة لاستقبال كبار السن وذوي الحاجات الخاصة والأطفال. وينسجم تصميمها مع مفاهيم الأبنية المستدامة والصديقة للبيئة. ومن أجل ضمان السلامة العامة، تم تصميم الأنظمة التقنية وأجهزة مكافحة الحريق، وفقاً لمعايير حديثة ومبتكرة. كما تم ربط الحديقة بشبكة هوائية لاقطة للإنترنت".

وأشار إلى أن "النفايات ضمن الحديقة تعالج ضمن معايير بيئية عالمية"، وقال: "إن المستوعبات الموضوعة، للمرة الأولى في بيروت، هي مستوعبات ذكية تشجع على عملية الفرز. كما أنها مجهزة بضاغط يعمل على الطاقة الشمسية ويساهم في تخفيف حجم النفايات".

ولفت إلى أن "هذا المشروع، يضم إضافة الى الحديقة العامة، موقفا عاما للسيارات مؤلفا من 5 طوابق سفلية ويستوعب 120 سيارة تقريباً"، معلنا أن "هذا المشروع، رغم صغر حجمه، اختير ليكون على القائمة المصغرة المرشحة لجائزة المعماريين العرب لعام 2018 عن فئة المساحات العامة".

وألقى نائب رئيس المجلس البلدي إيلي أندريا كلمة قال فيها: "في مثل هذا اليوم، في 9 نيسان من عام 1980، بوركت مدينتنا بيروت بوصول أسقف شاب ليرعى أرثوذكس بيروت ويقودهم بالتعليم والعمل والقدوة، إلى حيث يشاء لهم الرب. يومها فرح أبناء بيروت بالقادم إليهم من دون أن يعرفوه، لكنهم تعرفوا إليه وسمعوه وعاينوا إنجازاته، فتعلقوا به وساهموا معه في رفع آثار الحرب التي ألمت بعاصمتهم وفي النهوض بمؤسساتهم والعمل على إنعاشها وإنمائها".

أضاف: "سيدنا الياس، لم يغادر العاصمة وأبناءها في الأيام السوداء، بل حاول تشديد أبنائه وأبنائها ونفخ الأمل في حياتهم وإبعاد اليأس عن نفوسهم بكلماته ومواقفه وأعماله. كان حاضرا للدفاع عنهم وعن حقوقهم وعن الوطن الذي مزقته آلام الحرب، وكان حاضرا بعد الحرب للترميم وإعادة البناء، فكاتدرائية القديس جاورجيوس التي لم تبق فيها أيدي الشر، إلا الجدران عادت عروسا مزينة بأحلى الأيقونات وكنيسة مار نقولا نهضت من ركامها وأعيد بناؤها، ولا ننسى مستشفى القديس جاورجيوس، الذي أصبح مستشفى جامعيا والمدارس والكنائس والمؤسسات التي نماها وطورها لتكون في خدمة أبناء الكنيسة، والوطن عموما. أما آخر إنجازاته فكان العمل على بناء جامعة القديس جاورجيوس في بيروت، التي ستكون بفضل حكمته وجهده وبعد نظره جامعة وطنية يفتخر بها اللبنانيون".

وتابع: "يضيق الوقت لتعداد إنجازات سيادة المتروبوليت الياس، والتي جعلت منه أبا و معلما وقدوة. فاعترافا بفضله على بيروت وأبنائها، قرر المجلس البلدي السابق لمدينة بيروت إطلاق اسمه على هذه الحديقة، وبدأ بوضع التصاميم والتنفيذ. وكان لمجلسنا الحالي ومحافظ بيروت شرف متابعة العمل على إنجاز هذه الحديقة التي نفتتحها اليوم".

بدوره، قال رئيس المجلس البلدي لبيروت: "أشكر المجلس البلدي السابق ورئيسه وأعضاءه، لا سيما المهندس الشاب نديم أبو رزق، الذي قدم منحة إلى بلدية بيروت ليعد تصميم الحديقة بأكمله على حسابه الخاص، وبلدية بيروت نفذته. وما يحدث اليوم، يثبت أن العمل البلدي هو عمل استمراري، بدأ به المجلس السابق، ونحن أنهيناه".

وتوجه إلى المطران عودة، قائلا: "بقدر ما تحب بيروت، بيروت تحبك، فمهما فعلنا من أجلك يبقى قليلا. فبرعايتك وبرعاية المطران مطر وتعاونكما، بيروت ستزدهر وتتطور".

أضاف: "هذا المشروع في حد ذاته مهم، لأن أهل الأشرفية مهمون بالنسبة إلينا، فالأشرفية من أجمل المناطق، ليس فقط في بيروت، بل في لبنان أيضا. كما أن أهلها هم أفضل الناس، فعندما أزورها، أشعر بأن هذه هي بيروت، التي أريد أن أطورها وأحلم بها للمستقبل، وهذا الأمر لا ينتقص من أي منطقة أخرى بالتأكيد، ولكن لدى الأشرفية مكانة خاصة، لأن أهلها يهتمون بها ويحرصون عليها".

وتابع: "بلدية بيروت، لا تحلم فقط في تطبيق مشاريع، بل هي تنفذ ما تحلم به، لا سيما أنها نفذت الكثير منها، وما زال هناك الكثير في طور التنفيذ، ومنها مشروع فؤاد بطرس، الذي قررنا أن يكون مشروعا مماثلا للحدائق العامة والطرق السهلة والمساحات لنستفيد منه ونبقي التعايش حاضرا بين أهل الأشرفية، ولا نقسمها إلى منطقتين. كما أن خرائط ساحة ساسين جاهزة، وكذلك دفتر الشروط، وان شاء الله الأعمال ستبدأ قبل نهاية العام، فساحة ساسين ستتحول إلى ساحة للمشاة من أجل إعادة خلق التفاعل بين الناس، الذي يشكل التعايش اللبناني، وهذا ما اعتدنا عليه، والذي لولاه لما كان لبنان".

وألقى محافظ بيروت كلمة قال فيها: "نحتفل اليوم معكم ومع المجلس البلدي لمدينة بيروت بإنجاز مشروع مميّز، سيكون من شأنه تغيير حياة سكان هذا الحي البيروتي الجميل نحو الأفضل، لما يتميز به، بوجهيه، الحديقة العامة وموقف السيارات للعموم، من جمال التصميم ودقته، ولأنه يأتي بحلول ويلبي حاجات نشأت بفعل التطور العمراني والتحول في النسيج المديني لهذا الحي. وهنا، أشكر الاستاذ نديم أبو رزق على جهوده. وفي القادم من الأيام، ستكون لنا محطات مماثلة متنوعة نأمل معها أن نقدم لمدينتنا ما تستحقه عند اكتمال إنجاز ما عقدنا العزم على تحقيقه من مشاريع هامة مع المجلس البلدي".

أضاف: "إنشاء هذه الحديقة هنا غير المشهد وجعل المكان أكثر قابلية للحياة. تشبه هذه الحديقة المدينة نفسها، فبيروت كما تعلمون لم يكن دورها يوما يقاس بمقياس المساحة الجغرافية ولا بحجم الثراء أو العمران، إنما بالقدرة المتجددة والدائمة على التأثير بالجوار تأثيرا إيجابيا، وهذا ما تطمح إليه هذه الحديقة. أشكر جميع الحاضرين على تلبيتهم الدعوة، ولا شك أن في قلوبكم جميعا محبة كبيرة لسيدنا الياس عودة. واسمحوا لي باسمكم جميعا أن أتوجه الى سيادته بالشكر لأنه قبل بأن يشاركنا هذا الافتتاح. فلعلمكم أيها السيدات والسادة أن سيادة المتروبوليت الياس لم يطلب تسمية الحديقة على اسمه، لا بل أنه تحفظ على الفكرة حين عرضت عليه، هذه هي الحقيقة. أما السبب، فليس لأن سيدنا الياس لا يشجع المساحات الخضراء والحدائق مثلا، لا بل كان موقفه نابعا مما بلغه ارتقاؤه الروحي من مراتب متقدمة جعلت نفسه تأبى ما من شأنه تعكير صفو تواضعها".

وتابع: "يصادف اليوم 9 نيسان ذكرى دخول سيادة المتروبوليت عودة الى بيروت مطرانا على كرسي القديس كوارتوس المؤسس، أحد الرسل السبعين والذي ورد ذكره في الكتاب المقدس. وقد شارف اليوم سيدنا الياس على اتمام عامه الأربعين على رأس هذه الأبرشية. لقد أخبرنا بالأمس في عظة الأحد عن ناسك قضى أربعين عاما في البرية في سيناء هو يوحنا السلمي الذي وضع كتاب سلم الفضائل بدرجاته الثلاثين وإحداها فضيلة التواضع. لقد أقرن القول بالفعل. أربعون عاما من الجهاد الروحي المترافق مع حسن التدبير والإدارة أمضاها سيدنا الياس "ناسكا في مدينة". المتواضع في الحقيقة، كما يقول القديس اسحق السرياني، هو من يملك في سريرته شيئا جديراً بالعظمة ولا يفاخر به، بل يعتبر نفسه ترابا. وإن تواضعك يا سيدنا رغم عظيم صفاتك وإنجازاتك لهو درس لكل أبنائك الروحيين وتلاميذك، وأنا منهم، ولكل من يسعى الى فصح قريب".

وختم: "اسمح لي يا سيدنا أن أغتنم فرصة وقوفي اليوم أمام هذه النخبة من محبيك لأقول شكرا، على الثقة التي منحتني إياها، حين دعوتني الى الخدمة في هذه المدينة. لقد كانت وصيتك لي منذ اليوم الأول، هي "خدمة الناس جميعا من دون تمييز ومن دون مساومة على الحق"، وستظل قاعدة لعملي لم ولن أحيد عن تطبيقها. إن بيروت تبادل من يحبها الشعور نفسه، وحبك لبيروت بكل أطيافها، يا سيدنا طوال هذه السنوات، أنبت حبا في قلوب أهلها وأصبح حفظ اسمك في ذاكرتها المكانية كما في هذه الحديقة، أحد أشكال التعبير الطبيعي عن هذا الشعور. حفظك الرب لنا راعيا صالحا ومدك بوافر القوة والصحة والعافية. والى سنين عديدة يا سيد".

من جهته، قال المطران عودة: "عندما يقرر الإنسان تـرك الإهتمامات الدنيوية واتباع المسيح والمسيح وحده، يـفرغ قلبـه من كل شهوة أرضية ويرنو إلى خالقـه وربــه، راجيا أن يكون، يوم الدينونة الرهيب، من مختاري اليمين الذين قال لهم الرب يسوع: "تعالوا يا مباركي أبي رثوا الملكوت المـعـد لكم منذ تأسيس العالـم" (متى 25: 34) فيكون بذلك قد حصل على المكافأة السماوية التي أمضى العمر يجاهد لكي يحصل عليها. يقول بولس الرسول في رسالته إلى أهل كولوسي: "مهما تعملوا إعملوه من كل قلوبــكم كأنه للرب لا للناس، عالمين أن الرب سيكافئـكم بميراثه" (3: 24)".

أضاف:"من نذر نفسه للرب لا يبتغي تكريما أرضيا أو اعترافا بفضل أو مكافأة على جميل. إنه يعمل بحسب تعاليم الإنجيل وبحسب وصية الرب يسوع: "من أراد أن يتبعني فليكفر بنفسه ويحمل صليبـه ويتبعــني" (مر 8: 34). هذه يجب أن تكون حال كل مسيحي. لكنها بالضرورة حال الكاهن الذي نذر النفس والحياة لخدمة الله. و متى وضع الكاهن يده على المحراث لا يلتفت إلى الوراء و لا يتردد بالقيام بواجبه ولو لم يعجب كلامـه أو سلوكــه بعض الناس لأن هدفـه إرضاء الله لا البشر. لذلك، نحن معشر الكهنة لا نبالي بالتكريم الأرضي ولا نطلبه، بل نطلب ملكوت الله لأننا لا نستغني إلا بالله".

وتابع عودة: "لقد قرّر المجلس البلدي السابق إطلاق إسمي على هذه الحديقة من دون استشارتي، وعندما أبلغوني بالأمر لم أكن مرتاحا للتسمية، لكنني فرحت بإنشاء الحديقة لأن عاصمتنا الحبيبة تختنق بالاسمنت وتحتاج إلى مساحات خضراء وحدائق.

لقد قال الله في اليوم الثالث من الخلق: "لـتـنبـت الأرض عشبـا وبــقــلا يبزر بزرا وشجرا ذا ثمر... ورأى الله أن ذلك حسن" (تك 1: 11-12). لقد خلق الله كل شيء وهيـأه، ثم خلق الإنسان وجعلـه سيـدا على الطبيعة وما تحتويه من نبات وحيوان، ما عدا أخيه الإنسان، إلا أن الإنسان المخلوق على صورة الله ومثالـه، نسي أن المحبـة هي أساس السيادة، وراح يستعبـد كل ما في الطبيعة ويستعمله لخدمته، حتى أنه أعاد خطيئة قايين الذي قتل هابيل أخاه، وهو يعيدها يوميا، خير دليل على ذلك الحقد والحسد والقتل والحروب التي تعم العالم".

وأردف: "الجشع أعمى القلوب، وبسببه صارت الأبنية السكنية العالية والمتراصة مقصد الجميع ومحط الزهو. أصبحنا نفتقد المساحات الخضراء، مهما صغرت، في غابات الباطون التي نعيش داخلها. لقد كان لبنانـنا، منذ القديم، مضرب مثل بخضرتـه وأشجاره، خصوصا الأرز، الذي اختير رمزا لبلدنا الحبيب ومـنـح شرف أن يكون على العلم اللبناني. يقول كاتب المزامير: "الصديق كالنخلة يزهو، وكالأرز في لبنان ينمو" (مز 92: 12). هذه الطبيعة المقدسة تحولت بسبب الإنسان إلى كائن غاضب، لـما اقترفه من قطع وتدمير وتشويه وتلويث، ثم راح يتساءل عن سبب ثورة الطبيعة، واضعا نفسه موضع البريء في المحاكمة. الشكر لله أنَ أبناء بيروت وعوا، ولو متأخرين، أنهم أصبحوا بلا رئة، بلا متنفس، بلا مكان هادئ أخضر يذهبون إليه مع صغارهم ليهربوا، في المدينة، من صخب المدينة. لذا، نجد بلديـة بيروت تقوم حاليـا بعملـيـات جراحية في جسم المدينة، لتزرع في كل قسم منه رئـة تساعد أبناء المنطقة على تنفس الهواء النقي، فجاءت هذه الحديقة الصغيرة هنا، ضمن هذه المبادرة، التي نطلب إلى الرب إلهنا أن يلهم غارسيها غرس الكثير مثلـها، حتـى يعود لعاصمتنا الحبيبة نـفـس الحياة الذي نفتقده".

وقال: "ومثلما يحتاج أبناؤنا إلى مساحات خضراء تنقي أجسادهم من أوساخ التلوث، لا بد من التذكير بأنّهم يحتاجون إلى مساحات تنقي عقولهم من تلوث التكنولوجيا و من آفات هذا العصر. لذا، أدعو غارسي الحدائق إلى غرس المكتبات العامة حيثما يستطاع إلى ذلك سبيلا، حتى نحمي عقول أبناء هذا الوطن من التعليب الذي أصابها، فتعود آفاق الذهن إلى التوسع، وعندئذ نصبح أكثر قابلية للمحبة وتقبل الآخر".

أضاف عودة: "بارككم الرب ومنحكم أيـامـا خضراء مزهرة. كما منح نفوسكم أن تـزهـر أزهارا فردوسيـة تليق بالصورة والمثال الإلهيـين اللـذين منحهما الله لنا جميعا عندما خـلـقـنـا. فالتكريم الذي أريد لشخصي أتمنـاه لبيـروت، ونحن نكرم بيروت ولبنان كله عندما يحترم أبناؤه بعضهم بعضا ويحترمون جميعـهم عطايا الله الكثيرة، وأهمها الطبيعة التي حباها للبشر والبيئة الصحية التي وضعـنا فيها وشوهناها بإهمالنا أو بإيذائها والتعدي الدائم عليها و تلويثها مما سبـب تفشي الأمراض وازدياد الوفيات".

وختم: "أشكر كل من اهتم بإنجاز هذه الحديقة من رئيس ونائب رئيس وأعضاء المجلس البلدي السابق ورئيس ونائب رئيس وأعضاء المجلس الحالي، وطبعـا سعـادة محافـظ بيـروت وكـل مـن سـاهـم فـي إنجـاز هـذا العمـل، وأرجو ألا تكون هذه الحديقة يتيمة، وأن يتبعـها افتتاح حدائق عديدة تزين عاصمتنا وتمد أبناءها بالأوكسجين النقي".