بيئة ريادة الأعمال في لبنان قيد التطور

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, March 20, 2019

للعام الرابع على التوالي، يكشف المركز اللبناني البريطاني للتبادل التكنولوجي (UK Lebanon Tech Hub) بالتعاون مع السفارة البريطانية في بيروت نتائج تقرير المرصد العالمي لريادة الأعمال حول لبنان في العام 2018، وهي الدراسة الأبرز عالمياً حول ريادة الأعمال. وقد حلّ لبنان في المرتبة الأولى ضمن إجمالي النشاط الريادي في مرحلة مبكرة (TEA) على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وفي المرتبة الرابعة على مستوى العالم من أصل ثمانية وأربعين بلداً شملها التقرير.

أقيم حفل إطلاق النتائج في قصر سرسق يوم 14 آذار، حيث كانت كلمة لكلّ من سفير بريطانيا في لبنان كريس رامبلينغ، ورئيس مجلس إدارة المركز اللبناني البريطاني للتبادل التكنولوجي النائب نقولا صحناوي، أمام حشد من كبار المسؤولين في السفارة البريطانية، والأكاديميين، وممثلي المؤسسات المالية، ورواد الأعمال، وممثلي المرصد العالمي لريادة الأعمال (Global Entrepreneurship Monitor).

وفي كلمته، سلّط السفير كريس رامبلينغ الضوء على حس المبادرة الفردية المرتفع في لبنان، قائلاً: "كيفما توجّهت، من البقاع إلى منطقة بيروت الرقمية، ومن اللبنانيين الذين ألقاهم في لندن محلّقين في ميادينهم إلى المغتربين اللبنانيين في الخليج، أرى مثالاً على حسّ المبادرة اللبنانية. وبصفتنا شريكاً مؤسّساً للمركز اللبناني البريطاني للتبادل التكنولوجي ويداً بيد مع مصرف لبنان، أشدّد على التزام السفارة البريطانية دعم المركز ورواد الأعمال اللبنانيين لتحقيق طموحاتهم لأنهم المحرّك الأساسي وراء استحداث فرص العمل وتحفيز النمو الإنتاجي الذي يستحقّه مواطنو هذا البلد".

وتحت شعار "بيئة ريادة الأعمال قيد التطور"، كان اللقاء مناسبة للاحتفاء بثقافة ريادة الأعمال السائدة في لبنان من خلال الكشف عن نتائج التقرير وتوصياته ولإطلاق المناقشات حول العوامل الدافعة لإنشاء الأعمال، ومساهمة النساء فيها، والتحديات التي تواجه عالم ريادة الأعمال. يذكر أن تقرير المرصد العالمي لريادة الأعمال-من إعداد ستيفان هيل-هو برنامج مشترك للأبحاث الدولية تم تصميمه بهدف قياس مستويات ريادة الأعمال استناداً إلى تعريفات وسبل مسح ثابتة تتيح إجراء المقارنة بين الدول على مدى سنوات. ويتكوّن التقرير من دراستين: الأولى تتمحور حول السكان البالغين (Adult Population Survey -APS) شملت ألفي شخص بالغ تم اختيارهم عشوائياً من مختلف المناطق اللبنانية. أما الدراسة الثانية تتمحور حول الإطار المحلي وعوامله (National Expert Survey -NES) وشملت 36 خبيراً لبنانياً من منظومة ريادة الأعمال.

من جهته، شدّد نقولا صحناوي، رئيس مجلس إدارة المركز اللبناني البريطاني للتبادل التكنولوجي خلال كلمته على أهمية البيانات الصادرة عن التقرير سنوياً في تشكيل المبادرات التي تدعم أداء قطاع ريادة الأعمال، قائلاً: "نحن نقدّم التمكين. نحن لا نصنع المعجزات. نحن ندعم رواد الأعمال وشركاتهم ليحققوا ذلك. كما هي حالهم، نحن أيضاً شركة ناشئة. نتعلّم من أخطائنا، ونبني على خبراتنا، معتمدين على الحقائق والمكتسبات التي علّمتنا كيف نقارن أنفسنا بغيرنا ممن يشاركوننا الأهداف. هذا هو بالضبط محور تقرير المرصد العالمي لريادة الأعمال، ولهذا السبب نقوم بتنظيمه بدعم كبير من السفارة البريطانية في لبنان".

تجدر الإشارة إلى أن النتائج الرئيسية في التقرير أتت مفاجئة: أولاً، حلول لبنان في المرتبة الأولى من حيث تأسيس الملكية التجارية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ثانياً، أكثر من سيدة من أصل ست سيدات في لبنان تؤسس شركة جديدة في لبنان أو تشرف على إدارة أعمالها وهذا أعلى مستوى من الشركات الناشئة التي تقودها نساء في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الثماني المشاركة في تقرير المرصد العالمي لريادة الأعمال للعام 2018. كما أعلن نحو ثلثي المشاركين في الاستطلاع أنهم أسسوا شركة جديدة في لبنان أو أشرفوا على إدارة أعمالها بدافع انتهاز الفرص في العام 2018 بينما الثلث فقط أقروا أن القرار كان بدافع الحاجة".

وبالمقابل، أقل من شخص من أصل عشرين يديرون أعمالاً تجارية في دولة الإمارات العربية المتحدة، ومصر، والمملكة العربية السعودية، والمغرب، وقطر. أمّا في دولة الإمارات العربية المتحدة فسيدة من أصل عشرة تؤسس شركة جديدة أو تشرف على إدارة أعمالها، وفي مصر ينخفض العدد إلى سيدة واحدة من أصل عشرين.
ويعكس هذا المستوى المرتفع جداً في مبادرات ريادة الأعمال المناخ الإيجابي السائد في لبنان ويتمثل في عدة عوامل منها ثقافة الانفتاح الداعمة للشركات الناشئة، وتوفير التمويل الكافي لها. فحلول لبنان في المرتبة الرابعة ضمن إجمالي النشاط الريادي في مرحلة مبكرة (Total early-stage Entrepreneurial Activity TEA) هو بحد ذاته إنجاز يستحق التهنئة. إلاّ أن مكوّنات بيئة ريادة الأعمال تتباين بشكل كبير من حيث الفعالية، في ظل غياب السياسات الحكومية الداعمة والعقبات الجمّة التي تعترض دخول شركات جديدة إلى الأسواق.

لا شكّ أن لبنان يتمتع بحس المبادرة في ريادة الأعمال، إلاّ أنه رغم السنوات المتتالية التي سجّل فيها مستويات عالية من إجمالي النشاط الريادي، لم تثمر فرص عمل أو نمواً ملحوظاً في الإيرادات. من الصعب تجنب الاستنتاج القائل أن تأثير الأعمال الجديدة التي بدأت في لبنان لم يترجم إلى نمو اقتصادي ولم يستحدث فرص عمل في البلاد. وفي الوقت عينه، نشهد تأسيس عدد متزايد من الشركات الناشئة المتخصّصة بالتكنولوجيا المتقدمة التي تشجّعها المؤسسات المالية وتمكّنها لتحدث تأثيراً كبيراً في النمو الاقتصادي من حيث الوظائف والدخل. واستناداً إلى نتائج التقرير واستنتاجاته، صدر عدّة توصيات تتمحور حول ضرورة توسيع نطاق الدعم للمبادرات المتخصّصة بكل قطاع، الحد من تعقيدات المعاملات الآيلة إلى تسجيل الشركات وإدارتها، واقتراح حوافز مالية للتوظيف ووضع خطّة وطنية للبحث والتطوير العلمي على مستوى الجامعات.

وبعد الكشف عن نتائج التقرير، أجرى المركز اللبناني البريطاني للتبادل التكنولوجي جلسة نقاش مغلقة بهدف تحسين بيئة الأعمال، وتعزيز الابتكار في رئاسة مجلس الوزراء بحضور ممثلي هيئات المجتمع الدولي والهيئات العامة، تمهيداً لتقديم هذه التوصيات ومناقشتها لاقتراح الخطوات العملية التي يجب اتخاذها لتعزيز بيئة ريادة الأعمال في البلاد. وختاماً، شكر المركز اللبناني البريطاني للتبادل التكنولوجي وزير الدولة لشؤون تكنولوجيا المعلومات والاستثمار عادل افيوني ومكتب رئيس الوزراء لمشاركتهما في المناقشة ودعم المبادرة ككل.