خاص ــ مشكلة النزوح السوري تابع.. هل يكفي تأمين الغذاء لبناء الإنسان؟

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, March 6, 2019

خاص ــ عبير بركات

الكلمة اونلاين

شكل النزوح السوري قضية حساسة للغاية في لبنان تحديداً، فَـلطالما اِتُهم اللبنانيّ بالعنصرية عندما يرفع الصوت مطالباً برحيلهم من خلال مقارنات غير عادلة بين لبنان وباقي الدول.

ولاشكّ أن هذه الاتهامات ليست سوى اتهامات مدروسة تهدف إلى تعميق العداء بين كل سوري ولبناني تنفيذاً لمخطط قائم منذ زمن بدءاً بالتطهير العرقي في سوريا وصولاً إلى توطين النازحين في لبنان.

فقبل الحرب السوريّة كان عدد السنّة في سوريا يبلغ حوالي 16 مليون، أما الآن بعد 8 سنوات من الحرب، بلغ عددهم حوالي 8 مليون، وجاء ذلك من خلال إجبار سكان المناطق التي ستكون حسب المخطط من نصيب ايران وحزب الله اللبناني على مغادرتها قصراً ثم صدور قرار بسحب إملاكهم خلال 30 يوماً في حال لم يقدموا اوراقاً تثبت ملكيتهم وذلك بغية توطين الشيعة في مناطقهم، لكن أي أوراق في بلد أكلت الحرب فيها كل شيء؟

أمام هذا التغيير الديمغرافي الأخطر في التاريخ الذي يحدث في سوريا، تطل أزمة النازحين في لبنان لتثبت أن التراخي في التعاطي بهذا الموضوع ومحاولة تحويره على أنه عنصرية من اللبنانين ضد سوريا والسوريين ليس سوى محاولات واضحة لإبقائهم في لبنان وتوطينهم على حساب الشعب اللبناني.

المخيف حقاً في الموضوع أن النازحين يشكلون قنابل موقوته قد تنفجر في اي لحظة، فإذا اعتبرنا أن المنظمات الدولية تؤمن لهم الغذاء، يتبادر إلى أذهاننا سؤالاً دقيقاً هل يكفي الغذاء لبناء الإنسان؟

هؤلاء النازحون، وفق احصاءات الأمم المتحدة، يتسرب الكثير منهم عن المدرسة، فمدرستهم هي الشارع ولا شكّ أن الشارع كفيل بِـتعليمهم لغة العنف لأنهم بالأساس بلا ثقافة أو علم وغير محصنين، لذلك يمكن غسل أدمغتهم بسهولة.

أمام هذا الواقع أي مُجرمين وإرهابيين سوف يقدمون للعالم ؟ قد يقول البعض هذه عنصرية أيضاً وأن الإرهاب ليس حكراً على الفقراء. ولكن أليس الفقر بيئة خصبة لنشر الفكر السلفي وتعميقه بغية خداع هؤلاء بالمصير الأفضل؟ أليس الجوع سبباً لاستغلال الأفراد للقيام بالعديد من الجرائم بغية الحصول على قوتهم اليومي؟

في الواقع ما يحدث في سوريا اليوم يشكل خطراً بالغاً لدرجة تستدعي الانتباه على مستقبل المنطقة عامة ولبنان خاصة، فالنازحون اليوم قد يكونون غداً جماعات مسلحة تغتال وتفجر وتبيد بغية إنشاء الوطن الذين وعدوا به.

لبنان لم يكن يوماً عنصريا... لكن الخوف من المجهول الذي بدأت معالمه تلوح بالأفق هو ما يدفع البعض للمطالبة برحيلهم و بشدة، والأكيد أيضاً أن ليس كل السوريين النازحين في الأراضي اللبنانيّة مقصودين، لكن من الغباء أن نستبعد أنه لا يوجد بينهم خلايا نائمة سوف تستيقظ قريباً لِتّكمل تنفيذ المخطط القائم على التقسيم والتطهير العرقي بإيادٍ عميلة باتت معروفة، لذلك لابد من خطة مواجهة مدروسة وحكيمة وهذا لن يتم إلا من خلال وحده في الصف السياسي ونضج في التعاطي مع هذه المسألة.

و لاشك أيضاً أن عنصرية بعض اللبنانيين المبالغ بها ضد السوريين هي جزء من المخطط لإعطاء هؤلاء ذرعيّة للقيام بأعمال عنف ضد المجتمع اللبنانيّ.

و أخيراً ليس السوريون واللبنانيون سوى ضحايا لأنظمة وتحالفات هدفها الأول والأخير تحقيق مصالحها على حساب هذين الشعبين اللذين قدما على مدى تاريخهما خيرة الشباب دفاعاً عن الأرض و العروبة المزعومة .

Abir Obeid Barakat