بالفيديو والصور - مانغا مضروبة في السوق اللبنانية؟!

  • شارك هذا الخبر
Tuesday, February 26, 2019

هالة حمصي

في التحذير، هناك "مانغا مضروبة في السوق اللبنانية". بقع سوداء انتشرت على القشرة الخارجية الخضراء لمجموعة ثمار من المانغا، وفقا لما تظهره صور انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي. وحذار، لأنّ "تناولها يضرّ جداً بالصحة". في الايام الثلاثة الاخيرة، تناقلت صفحات وحسابات لبنانية هذا التحذير المعزّز بعدد من الصور. ولكن ما صحة هذا الخبر؟ هل هناك مانغا مضروبة في السوق اللبنانية؟ وماذا تعني هذه البقع السوداء الظاهرة على قشرتها الخارجية، وفقا للصور المنشورة؟ وهل يضّر تناولها بالصحة، وفقا للزعم؟

المانغا "المضروبة" رُصِدت في أحد اسواق الخضار والفواكه في طرابلس قبل نحو 3 ايام، على ما يؤكّد احد المعنيين لـ"النهار". وفي اليوم ذاته، "تمّ سحب البضاعة المضروبة من السوق بسرعة". ووفقا لمصدر أمني، "اثبت الكشف على الاسواق الطرابلسية خلوها من اي مانغا مضروبة. وليست هناك الا بضاعة ممتازة".
وبينما يُرجَّح ان تكون البقع السوداء الظاهرة على قشرتها الخارجية مرتبطة "بجرثومة فطرية"، وليس بسبب "حشرة خطيرة"، كما يزعم، تنصح خبيرة أكاديمية "بعدم بيعها او تناولها، لانها ليست مفيدة للصحة".

الوقائع: ابتداء من 23 شباط 2019، تناقلت صفحات وحسابات لبنانية صورا لمانغا انتشرت على قشرتها الخارجية الخضراء بقع سوداء، صغيرة وكبيرة، مع التحذير الآتي: "مانغا مضروبة موجودة في السوق اللبنانية، مصدرها إفريقيا، وتحمل حشرات خطيرة. أكلها يضرّ جداً بصحة الإنسان" .
التدقيق:

-بموجب البحث، يتبيّن ان التحذير انطلق أوّلا من باب التبانة- طرابلس في 23 شباط 2019.
-ردا على اتصال لـ"النهار"، يقول عضو حزب البيئة العالمي المهندس الزراعي المستشار البيئي لدى بلدية طرابلس عبد الغني الايوبي انه "تمت احالة الامر على الخبراء الزراعيين، لاجراء الفحوص اللازمة على ثمار المانغا التي ظهرت على قشرتها الخارجية بقع سوداء. حضر ممثلون لوزراة الزراعة، واهتموا بالامر فورا، وتمّ سحب البضاعة المضروبة بسرعة من السوق في طرابلس. ولم تعد لدينا سوى بضاعة جيدة".
بعد اجراء المطلوب في اسواق الفواكه في طرابلس، "ستتولى وزارة الزراعة الكشف على سائر الاسواق في مختلف المناطق للتأكد من ان المانغا المعروضة للبيع جيدة"، على ما يؤكد. ويرجّح ان يكون مرد هذه البقع السوداء الظاهرة على القشرة الخارجية للمانغا، "مرض فطري، وليس كما قيل انه عقص من ذبابة شرق المتوسّط. وفي هذه الحال، لا نجد حشرة لدى فتح الثمرة، بل عفنا فطريا".

ويشرح الايوبي، وهو ايضا منسق تجمع الجمعيات البيئية في لبنان، ان "ظهور هذا المرض الفطري لا يتعلق بظروف التخزين. ما يحصل هو انه اثناء تكوّن ثمرة المانغا، تصيبها هذه الجرثومة الفطرية وتنمو فيها. ولمكافحتها يجب اعتماد خطوات عملية متلاحقة عبر استخدام ادوية معينة".
ماذا عن مصدر المانغا التي حُكِي انها مضروبة؟ يجيب: "لم استطع ان اعرف بالضبط. لفت أحدهم الى ملصق "بيرو" (Peru) عليها، وهذا ليس مستبعدا اطلاقا". ويتدارك: "المانغا تنمو في المناطق الدافئة عموما، كأميركا الوسطى وإفريقيا، وايضا البيرو".

-وفقا لموقع "اطلس العالم" (World Atlas)، البيرو بين اكبر البلدان انتاجا للمانغا في العالم. وتضمّ اللائحة: الهند (18 مليون طن- نحو 50% من الامدادات العالمية للمانغا) في الطليعة، تليها الصين (4,77 مليون طن)، تايلاند (3,4 ملايين طن عام 2016)، المكسيك، اندونيسيا، باكستان، البرازيل، مصر (المرتبة 8)، بنغلادش، نيجيريا، الفيليبين، السودان، كينيا، فيتنام، هايتي، تانزانيا، كوبا، اليمن، البيرو (المرتبة 19)، كولومبيا، النيبال، مدغشقر، جمهورية الكونغو الديموقراطية، النيجر، وغينيا.

-المانغا او المانغو من "أكثر الثمار شعبية في العالم"، وفقا لموقع www.mango.org. "المانغو (Mangifera indica)، عضو في عائلة الكاجو (Anacardiaceae)، وواحدة من أهم الثمار الاستوائية في العالم المزروعة على نطاق واسع. تعتبر شجرة المانغو من المزروعات الأصلية لشرق آسيا وميانمار (بورما) وولاية أسام في الهند. والمانغو مصدر غني للفيتامينات آي وسي ودي"، على ما يفيد موقع "بريتانيكا".
شجرة "دائمة الخضرة"، وفقا له، "وغالبًا ما يراوح ارتفاعها من 15 الى 18 مترًا، وتتمتع بعمر مديد... وتختلف الثمرة كثيرا في الحجم والخصائص. شكلها بيضوي، دائري، في شكل قلب او كلية، او طويل ونحيل...".

ايا يكن، هذه الثمرة غنية جدا، قديمة جدا، بحيث "وجدت في الهند اساساً منذ نحو 5 آلاف عام. وسافرت بذورها مع البشر، من آسيا إلى الشرق الأوسط وشرق أفريقيا وأميركا الجنوبية، ابتداء من عام 300 أو 400 ق م"، وفقا لموقع "Mango.org".في خصائصها الكثيرة، "كوب واحد من المانغا فقط لا يزيد عن 100 سعرة حرارية. لذلك، هو علاج لذيذ ومريح. كل وجبة مانغا تخلو من الدهون والصوديوم والكوليستيرول. ويحتوي المانغا على أكثر من 20 نوعًا مختلفًا من الفيتامينات والمعادن، مما يساعد على جعلها غذاء شبه خارق".

-مع ذلك، فان المانغا عرضة لامراض فطرية عدة، ابرزها وفقا لخبراء: الانتراكنوز، التبقع البكتيري الاسود، العفن الاسود، تدهور المانغا، ظهور تدرنات، تشوهات، تبقع الورق الالترناري والرمادي، مرض النطاق الاسود، لفحة الورقة، الجرب، تبقع الستغمينا، البياض الدقيقي، عفن الجذر الابيض والاسود...

- رأي لأكاديمية خبيرة. ماذا عن صور المانغا المنقوشة ببقع سوداء؟ تجيب الاستاذة في كلية الزراعة في الجامعة اللبنانية الدكتورة لودميلا ابرهيم لـ"النهار": "صور المانغا تظهر انها مضروبة. لا استطيع ان احدّد السبب، وهل مرد ذلك حشرة ما، ام مرض، ام ظروف التخزين، لان الثمار المضروبة ليست في متناولي".
وتضيف: "ما استطيع قوله هو ان تناول هذه المانغا المضروبة ليس مفيدا للصحة، لانها تبدو، من الصور، انها غير طازجة. وهذه البقع السوداء الظاهرة على قشرتها الخارجية ربما ترتبط ببدء انتشار باكتيري فيها. ولتحديد سببها، يجب اخضاعها للفحوص اللازمة. من الصور، لا انصح ببيعها او تناولها".

-ردا على استيضاح "النّهار"، يؤكد مصدر أمني ان "القطع الامنية الاقليمية المعنية تحركت فور انتشار هذه المعلومات، بإشارة من المدعي العام البيئي. وأجرت كشفاً على مختلف اسواق الخضار والفاكهة في طرابلس، في حضور ممثل لنقابة تجار سوق الخضار في طرابلس. لكنها لم تجد اي ثمرة مانغا واحدة مضروبة، وفقا للزعم المتناقل. البضاعة الموجودة في السوق ممتازة، وفقا لما تبين".

ويفيد ان "مندوبين من وزارة الزراعة حضروا ايضا في الساعات اللاحقة، واجروا بدورهم كشفا على الاسواق. وتأكدوا ان المانغا المعروضة للبيع ممتازة، وأن لا صحة اطلاقا لما تردد ان ثمة مانغا مضروبة".

-وفقا لمصدر في وزارة الزراعة، البقع السوداء على المانغا "لها علاقة بأمراض تصيب النبات، لكنها لا تشكل خطراً على صحّة الناس اذا تناولوها". ويرجّح ان يكون ظهور هذه البقع "مرتبطا بفطرية معيّنة أصابتها"، مستبعدا ان تكون وراءها "حشرة او ذبابة".

النتيجة: وفقا لما يبينه التدقيق، رُصدت "مانغا مضروبة" في السوق الطرابلسية قبل ايام، "تم سحبها على الفور". ومع ان الزعم ان مصدرها إفريقيا، فان ملصقا على احد الفواكه حمل اسم "البيرو".

بالنسبة الى الزعم ان المانغا المرصودة مصابة بـ"حشرات خطيرة"، فان ترجيحات تميل الى اصابتها بـ"مرض فطري". نعم، تناولها "ليس مفيدا للصحة، وفقا للدكتورة ابرهيم. ويؤكد مصدر امني ان "الكشف على الاسواق في طرابلس اثبت خلوها من اي مانغا مضروبة".


النهار