خاص - ألم يتعلم اللبناني من ماضيه ان لا يؤله زعماءه؟

  • شارك هذا الخبر
Wednesday, February 20, 2019

خاص الكلمة أونلاين
عبير بركات

بعد تسعة أشهر من الشد والجذب نجح لبنان في تشكيل حكومة في وضع يكاد يغرق فيه البلد بِـالهاويه وسط حالة من اليأس أصابت الشارع اللبناني الذي بات يعيش عيشة الميت ويئن تحت وطأة الغلاء المعيشي و تفشي البطالة بشكل مخيف وأزمة الكهرباء والتلوث والطرقات وغيرها من الأزمات التي باتت لا تعد ولا تحصى .

فعلياً الحكومة تشكلت، لكن ماذا عن الثقة بِـمصداقية التشكيلة الحكومية المُتمثلة بِـأحزاب السلطة التي أثبتت عبر  سنوات طوال أنها قائمة على نهب المال العام وإقامة صفقات على حساب الشعب اللبناني الذي بات يعيش تحت خط الفقر الإنساني، البيئي، الخدمي والإنمائي.

وعلى الرغم من أن هذه الحكومة قد نالت ثقة 111 نائباً من أصل 117 حضروا الجلسة إلاّ أن هذا ليس شيئاً يبعث الطمأنينية  فَـمن منحوها الثقة ليسوا جميعهم أهلاً للثقة أساساً فهم جزء لا يتجزأ من هذه التوليفة السياسية التي ساهمت في وصول لبنان إلى هذه الحالة المزرية.

فهذه السلطة السياسية هي ذاتها من وعدت منذ سنوات بِـحلّ مشكلة الكهرباء في لبنان، و هي من صرفت مليارات الدولارت على البنى التحتية التي انهارت عند أول عاصفة، وهي من شهدت موت أطفال و شيوخ وشباب على أبواب المستشفيات و هذه القوى نفسها التي أحرق في عهدها مواطناً نفسه لعجزه عن دفع أقساط المدرسة لِـتعليم طفلته بِـالرغم من أن هذه أبسط حقوق الإنسان في كل مكان على وجه هذه المعمورة .

سلطة تسببت بِـخلق كل أنواع الأزمات والكوراث الإنسانية كيف ستنال ثقة الناس؟ و كيف سَنأتمنها على لبنان في هذه المرحلة الحرجة! كل ما فعلته عبر السنوات هو الكلام و تصدير الوعود الكاذبة التي أغرقتنا في أشد عصور الظلام على كافة الصعد كيف ستنحج في كسب الثقة.

في الواقع مسألة الثقة بهذه الطبقة السياسية باتت تشكل عاملاً أساسياً للمواطن اللبناني لِـيشعر بالأمان بأنّهُ بين أيادٍ أمينة في ظل ما يعانيه!

لكن يبقى السؤال هل ستحاول الحكومة إعادة بناء جسور الثقة بين الطبقة السياسية والمواطن، أم أنها ستسير كغيرها في إتجاه يحقق لها المزيد من السلطة والنفوذ ضاربة بعرض الحائط أحوال الناس وآمالها؟


و كيف لِـقوى سياسية تعرف أنها لطالما غشت الشعب ومارست عليه كافة أشكال الظلم والحيل و مع ذلك عاد و انتخبها، أن تثق بأن هذا الشعب قد يقف موقفاً حازماً ضدها ويزعزع عرشها المهترء .

و هي تعرف أنها بإشارة من زعمائها السياسيين الذين جندتهم لتخدير الشعب و توجيهه حسب غاياتها، تستطيع أن تجعل هذا الشعب يقتل بعضه البعض بسبب اختلاف في الأراء والتوجهات السياسية المفتعلة!

إذاً ما نعيشه في لبنان أزمة ثقة متبادلة بين طبقة سياسية تعد بالإصلاحات وبِـمحاربة الفساد ولا تفي، و بين شعب يعد بِـعدم انتخاب هذه الطبقة السياسية ويتوعد بالثورة عليها و لا يفي ويبقى خانعاً ، ذليلاً ، خاضعاً لسطوتها .

يبقى الأمل بأن يكون هناك حرص لدى الطبقة السياسية على استعادة ثقة الناس التي منحتها الثقة مرات ومرات، وأن تعمل بكل أمانة واستقامة على إصلاح ما تم إفساده و تخريبه على مدى السنوات الماضيه؟

وأمل بأن يتعلم الشعب اللبناني من تجاربه السابقة ويتعاطى مع مشاكله وظروفه بحكمة وذكاء من دون الإنجرار إلى المزيد من العنف الذي لن يضر الا سواه، ودون الاستمرار في التأليه والتقديس لِـشخصيات أثبتت فشلها وفسادها بعدة ظروف.

لأننا حقاً لم نعد نحتمل المزيد، فَـهل سيكون لأوجاعنا صدى في نفوس أصحاب القرار؟

وهل سيكون الوجع درساً نتعلم منه كيف نعيش بِـكرامة في هذا البلد؟

Abir Obeid Barakat