كمال ذبيان - الحزب القومي الخارج من الحكومة بعد ربع قرن «ضائع الهوية»

  • شارك هذا الخبر
Friday, February 15, 2019


لم تخل حكومة تشكلت منذ ما بعد اتفاق الطائف، الا وكان الحزب السوري القومي الاجتماعي مشاركاً فيها، وكان اول ممثليه النائب اسعد حردان، في اول حكومة شكلها الرئيس المرحوم عمر كرامي في نهاية العام 1990، كوزير دولة وهي المرة الاولى التي يكون الحزب القومي في السلطة اللبنانية، داخل نظام طائفي، قام ضده بثورتين الاولى قادها مؤسسه انطون سعاده، وكانت اشبه بثورة شعبية مسلحة في حزيران من العام 1949، والثانية كانت بانقلاب خطط له الحزب مع ضباط قوميين واصدقاء لهم في الجيش، ومن ابرزهم فؤاد عوض وشوقي خيرالله وعلي الحاج حسن، لكنه انتهى الى فشل وزج بقيادة الحزب واعضائه ومناصريه في السجن، وتمت تصفية عدد من القوميين على ايدي المكتب الثاني الذي اصبح يعرف بمخابرات الجيش.

ومشاركة الحزب في السلطة اللبنانية، جاءت نتيجة لتوصية صدرت عن المؤتمر القومي الاجتماعي العام الذي انعقد في بولونيا عام 1984، وقرر الابتعاد عن ظاهرة الانقلاب، واعتماد الوسائل الشرعية بالانخراط في مؤسسات الدولة، وقد ترجم ذلك في حكومة كرامي، ثم بالفوز بستة مقاعد نيابية في انتخابات عام 1992، الا ان هذه المشاركة لم يكن لها اثر ايجابي على الحزب، وفق مصادر قيادية فيه، لان النتائج التي احرزها من وجوده في السلطة ابعدته عن قضايا المواطنين وحمل همومهم بدل ان يقترب لا سيما في الوزارات التي تبوأها وتحديداً وزارة العمل التي تولاها كل من حردان والوزير الراحل علي قانصوه، وهما شغلا منصب رئيس الحزب لدورات، ولم يلحظ القوميون قبل المواطنين، اي تغيير حصل في اداء هذه الوزارة التي هي على تماس مع النقابات وقضايا المواطنين الاجتماعية، ووصايتها على الضمان الاجتماعي، وارتباطها بالمؤسسة الوطنية للاستخدام التي عليها يقع معالجة موضوع البطالة التي وصلت الى 35% في صفوف الشباب لا سيما الخريجين منهم.

ولم يتمكن الحزب القومي من خلال وجوده في مجلس النواب كما في الحكومة، من احداث الاصلاح في النظام السياسي، من خلال مشاريع او اقتراحات قوانين، سوى اقتراح قانون انتخاب على اساس النسبية ولبنان دائرة واحدة، لم تصوت معه الكتلة القومية الاجتماعية، بعد ان تقدم قانون آخر في العام 1996، ثم في اقتراح القانون الذي قدمه النائب السابق الدكتور مروان فارس لتشكيل الهيئة الوطنية لالغاء الطائقية، ولم يؤخد به، وكان يمكن لو اقر، لحصل تطور باتجاه الغاء الطائفية، كما في قانون الانتخاب الذي اعتمد مؤخراً النسبية، الذي حسن من التمثيل، تقول المصادر التي تشير الى ان الحزب فقد دوره الاصلاحي، عندما تحالف مع قوى سياسية وحزبية طائفية، فبات اسيرها، بدلاً من ان يكون على مسافة منها، ويعبر عن مضمون عقيدته القومية الاجتماعية بالممارسة وهذا كان مقتلاً له، وضمور وجوده وفعاليته.

والحكومة الحالية استبعد عنها الحزب القومي، لانه لا يملك كتلة نيابية من اربعة، ولم يؤازره حلفاؤه، ولم يطرح نفسه على انه ممثل تيار شعبي لا طائفي، ويذهب الى تحالف مع نواب يلتقون مع توجهه السياسي، ويشكلون كتلة تؤمن تمثيل النهج الوطني والقومي والتقدمي اللاطائفي، في وقت تم تشجيع «اللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين» ليشكل كتلة ويتمثل بوزير وجاء تقديمه بصيغة مذهبية، وتشكلت الحكومة على اساس ممثلي الطوائف والمذاهب، وتلقائياً سيكون الحزب القومي خارجها تقول المصادر، التي تغمز من قناة تقصير حصل في قيادة الحزب بادارة ملف تشكيل الحكومة، كما في الانتخابات النيابية، التي اظهرت ضعف القيادة بالتنازل عن مقاعد نيابية، كما في اجراء التحالفات.

واجتمع المجلس الاعلى للحزب واتخذ قراراً بأن يتكلم النائب سليم سعاده باسم «الكتلة القومية الاجتماعية» المكونة فيه ومن النائب حردان والنائب غير المنتمي للحزب البير منصور، وسيركز سعاده في كلمته على الجانبين السياسي والاقتصادي - الاجتماعي في مناقشة البيان الوزاري وسيثير مسألة اغفاله للاصلاح السياسي، وهو الاساس في النهوض بلبنان، والذي ارسى اتفاق الطائف اسساً وبنوداً لتحقيق هذا الاصلاح، وفيه بند الغاء الطائفية، كما في قانون الانتخاب خارج القيد الطائفي، تقول مصادر في المجلس الاعلى التي تكشف بان النائب سعاده، سيثير الموضوع الاقتصادي والاجتماعي، وهو عضو في لجنة المال والموازنة، كما انه خبير في الشؤون الاقتصادية وسيقدم مطالعة حول الازمة الاقتصادية والمالية، يقارب فيها الاسباب التي ادت الى شبه الانهيار الاقتصادي.

وستمنح الكتلة القومية الاجتماعية ثقة مشروطة للحكومة مربوطة بمهلة زمنية تقارب ثلاثة اشهر، فان قامت بعملها وحققت انجازات، تستمر هذه الثقة، او تسحب منها على ضوء ما ستفعله.

فهل ينضم سعاده الى النواب النجوم في الجلسات التي سبقت كاللواء جميل السيد وحسن فضل الله وبولا يعقوبيان واسامة سعد، وتكون كلمته موضوعية بكشف الفساد والهدر والصفقات، والاشارة بالاصبع اليها، وتسمية الاسماء؟

وتبقى هوية الحزب القومي ضائعة بين موال للنظام او معارض له؟