كمال ذبيان- اردوغان يتراجع عن مشروعه «العثماني» وبدأ يبتعد عن «الاخوان المسلمين»
شارك هذا الخبر
Wednesday, February 13, 2019
بدأ الرئيس التركي رجب طيب اردوغان خطوات تراجعية في سياسته الاقليمية، ولم يعد يركز على حلمه «الامبراطوري»، باستعادة «السلطنة العثمانية» التي حكمت العالم لنحو من 500 عام، امتدت من اسطنبول الى الشرقين الادنى والاقصى، مروراً ببعض دول اوروبا.
واعتمد اردوغان على جماعة «الاخوان المسلمين»، التي ينتمي اليها حزبه «العدالة والتنمية»، لتنفيذ مشروعه، وساعده في ذلك دعم اميركي، بعد احداث 11 ايلول 2001، في ان تستعين واشنطن بـ«اسلام سياسي» مختلف عن «الاسلام الجهادي» الذي مثله تنظيم «القاعدة» بقيادة اسامة بن لادن ومساعده ايمن الظواهري، والمتهم بالتفجيرات التي حصلت في نيويورك وواشنطن، بواسطة طائرات مدنية استخدمها انتحاريون.
واستغل «الاخوان المسلمون»، ثورات شعوب انطلقت مطلع 2011 ضد انظمة بدأت في تونس، ورأت تركيا برئاسة اردوغان انها مناسبة، لتحقيق «مشروعها العثماني» التوسعي، فدعمت مع قطر التحركات في الشارع، والتي انتقلت الى مصر فليبيا واليمن ووصلت الى سوريا، حيث اشعل «الاخوان المسلمون» ما سمي «ربيع عربي»، والذين تمكنوا وبسرعة قياسية من قلب انظمة الحكم في تونس ومصر وليبيا، فكانت «حركة النهضة» برئاسة راشد الغنوشي في تونس، و«الاخوان المسلمون» في مصر الذين اوصلوا محمد مرسي الى رئاسة الجمهورية، وكذلك في ليبيا، وامتدوا الى اليمن، وحركوا تظاهرات في سوريا، وكانت تركيا وحليفتها قطر تقودان حملة وصول «الاخوان المسلمين» الى السلطة، وقدموا الدعم المالي والعسكري والسياسي والاعلامي، حيث لعبت قناة الجزيرة التي تبث من الدوجة، دورا مؤثرا في تحريك عمليات الاحتجاج، حيث تكشف تقارير ديبلوماسية واخرى اعلامية مستقاة من مراجع في مواقع القرار العربي والدولي، عن كيف كان المسلحون يصلون من ليبيا الى تركيا، ويدخلون الى سوريا لتخريبها، وكم من الاموال دُفعت لذلك، وقد اعترف مسؤولون في عدد من الدول، بالمبالغ التي صُرفت لاشعال النار في الدول التي اضرمت فيها، لكن ثورة مضادة حصلت افشلت «المشروع الاردوغاني»، فسقط حكم «الاخوان المسلمين» في مصر، وترنح مشروع «حركة النهضة» في تونس، ولم يتمكن «الاخوان المسلمون» من حكم ليبيا التي طغى الصراع القبلي والمناطقي عليها، واندحرت المؤامرة على سوريا.
امام هذا الانكسار لمشروع «الاخوان المسلمين»، فان تركيا - اردوغان، تراجعت الى اسطنبول، وبدأت تفتش عن تسويات لانقاذ حكمها، بعد ان شعرت ان اميركا برئاسة دونالد ترامب، ليست معها بالكامل، حيث تكشف مصادر ديبلوماسية عربية مطلعة، على ان الرئيس التركي بات صاحب دعوة للحوار مع سوريا، وبدأ يدعو الى فتح صفحة جديدة مع الرئيس بشار الاسد، فقرأت هذه المصادر في موقف الرئيس التركي، اعتراف بفشل مشروع اسقاط او تنحي الرئيس السوري، وهو سأل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تأمين لقاء له مع الاسد، الذي كان جوابه من المبكر الحديث عن هذا الموضوع، لان اردوغان متورط بالدم السوري، وهو سعى الى لعبة الدم في سوريا، ليصل «الاخوان المسلمون» الى الحكم فيها، وهي ليست المرة الاولى التي يقومون بذلك، وقد حاولوا في منتصف السبعينات وبداية ثمانينات القرن الماضي، ذلك، وقاموا بأعمال اغتيال وتفجير وتخريب لكنهم فشلوا.
فالرئيس التركي بدأ يقر بأن النظام السوري باق وعلى رأسه الرئيس الاسد، ولم يعد يهمه حكم «الاخوان المسلمين» في سوريا، بل ان لا يكون للاكراد «دولتهم او كيانهم الذاتي»، وهو يسعى الى المقايضة حولهم وقام بتوسيط روسيا لاعادة العمل في اتفاقية أضنة الامنية التي تسمح للشرطة التركية بتعقب مجموعات كردية في سوريا تعمل ضد تركيا، لكن الرد السوري كان بخروج القوات التركية من الاراضي السورية، وفق ما كشفت المصادر، التي اشارت الى ان اردوغان اتجه نحو مصر ايضاً، ليطمئنها بأنه لم يعد متحمساً لمشروع «الاخوان المسلمين» الذي كان يريده جسراً لاحياء «العثمانية الجديدة»، وبات يعمل وراء اسوار اسطنبول، حيث فتح قناة اتصال مع القاهرة، وقام بتسليم احد المطلوبين المغربيين محمد عبد الحفيظ حسين الى القاهرة، كبادرة حسن نية، وفتح صفحة جديدة، وهذا مؤشر الى ان اردوغان بدأ يبتعد ويبيع «الاخوان المسلمين» خارج تركيا ليبقى في السلطة، وهو الذي يعاني من تحرك في الشارع، على الوضع الاقتصادي المتردي، وانخفاض سعر الليرة التركية، وحملة القمع للحريات، اذ ان «ربيعا تركياً»، قد يظهر في ظل الارتباك الذي يحيط في سياسته على الصعيد الداخلي والاقليمي والدولي، وهو يحتمي بروسيا ضد اميركا، ويتقرب من ايران، وابتعد عن دول عربية.