حصلت «الأخبار» على لائحة بأسعار عشرات الأنواع من الأدوية اشترتها وزارة الدفاع، في مناقصة أجريت نهاية العام الماضي، لمصلحة الجيش ومديريات الأمن العام والأمن الداخلي وأمن الدولة. أصناف الدواء المدرجة في اللائحة مطابقة إلى حدّ بعيد للائحة الأدوية التي تشتريها وزارة الصحة (بعضها أدرجه موقع وزارة الصحة ضمن لائحة الأدوية المخفضة العام الماضي).
المقارنة بين اللائحتين تظهر، بوضوح، فارقاً شاسعاً يصل إلى 70 في المئة، بين السعر الذي دفعته وزارة الدفاع والسعر الذي تعلن عنه وزارة الصحة لبعض أنواع الأدوية.
أحد الضالعين في ملف الدواء يؤكد أن هذه «فضيحة منظمة ومدروسة. وهي واحد من وجوه التحايل على الدولة وهدر أموالها، ثم الضغط عليها للحصول على المزيد». ويدخل في هذا الإطار الانقطاع الموسمي لأدوية السرطان والأمراض المستعصية، «فالوزارة بعد صرفها موازنتها، تعمد إلى الاستدانة من الوكيل وتراكم ديونها، فتمتنع الشركات عن تسليمها الأدوية، وتصبح صحة المريض على المحك. عندها تعلو صرخة الوزير في مجلس الوزراء طالباً اعتمادات إضافية، لنعود وندور في الحلقة نفسها».
وعلمت «الأخبار» أن وزير الدفاع يعقوب الصراف لفت إلى هذا التفاوت أكثر من مرة خلال جلسات مجلس الوزراء، وطلب من حاصباني لائحة مفصلة بالأدوية التي تحتاجها «الصحة» لتأمينها بسعر أقل، يوازي السعر الذي تحصل عليه القوى الأمنية الأخرى، إلا أن حاصباني قابل طلبه بالرفض.
حاصباني، من جهته، أكّد لـ«الأخبار» أنه ليس مطلعاً على أسعار الجيش «الذي يجري استدراجاً للعروض بشكل مستقل عن الجهات الضامنة الأخرى، ولا تبادل معلومات مع وزارة الدفاع في هذا السياق. طلبتُ من الوزير الصراف اطلاعي على أسعار الأدوية ولكنه رفض أيضاً». ولفت إلى أن «لا قرار رسمياً بوضع المناقصات بيد الجيش أو أن تجري أي جهة مناقصات عن الجهة الأخرى. هناك لجنة تنسيق أرأسها لكل الجهات الضامنة، وطلبت من الجيش الانضمام لعمل مشترك بيننا نجري على أساسه مناقصات مشتركة، لكنه رفض».
يستغرب الصراف كلام حاصباني، «فالقرار السياسي موجود فعلاً والدليل أنني أشتري نيابة عن أمن الدولة والأمن العام». القضية الرئيسية هنا أن «باستطاعتي تأمين دواء أرخص لأولادي، كيف أو لماذا؟ لا يهم. المهم التوفير على المواطن والدولة. لو أن وزير الصحة يؤمن الدواء بسعر أقل مما أؤمنه للجيش، لكنت عمدت إلى شراء الدواء عبره. لديّ أسبابي لعدم اطلاعه على السعر الذي اشتري به، حتى لا يستعمل هذا الأمر لتهديد الوكيل. ولكن ما هي حجته لعدم توكيلي بشراء الدواء نيابة عنه إذا كانت المصلحة العامة هي الأساس؟». وأكّد وزير الدفاع أنه طلب رسمياً خلال جلسات المجلس من وزير الصحة تزويده بكميات الدواء وأصنافه وأسعاره، إلا أنه «رفض لغاية لا أعرفها».