شبح الركود يحوم حول الاقتصاد الأميركي

  • شارك هذا الخبر
Friday, January 18, 2019

حذر عدد من المؤسسات وبنوك الاستثمار العالمية من خطوة استمرار الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة على نمو الاقتصاد الأميركي، خاصة في ظل المصاعب التي يواجهها الاقتصاد العالمي، على غرار الحرب التجارية والتراجعات الاقتصادية التي تشهدها الاقتصادات الكبرى.
وقال جيمي ديمون الرئيس التنفيذي لبنك «جي بي مورغان» إن استمرار الإغلاق الحكومي بالولايات المتحدة قد يمحو النمو في أكبر اقتصاد في العالم. وأضاف خلال مؤتمر عبر الهاتف مع الصحافيين بعد نتائج أعمال الربع الرابع، أن التوقعات تشير إلى أن استمرار الإغلاق الحكومي قد يخفض النمو إلى الصفر في الربع الأول من عام 2019.
وكان «جي بي مورغان» قد أعلن تحقيقه زيادة 67 في المائة في أرباح الربع الأخير من العام الماضي، لكنها فشلت في الوفاء بتقديرات المحللين. وتابع ديمون: «علينا فقط التعامل مع ذلك، فهي قضية سياسية أكثر من أي شيء آخر». ويدخل الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة يومه الـ28 اليوم، ليصبح الأطول في التاريخ مع استمرار الخلاف بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب والديمقراطيين حول تمويل بناء الجدار العازل مع المكسيك.
وأوضح ديمون أنه في حين أن الإحصاءات الأساسية عن الاقتصاد على مستوى العالم ليست سيئة، فإن البنك سيكون مستعداً لمواجهة التراجع في النمو بنهاية المطاف. مشيراً إلى أنه لا يزال هناك نمو، رغم الإشارات المبكرة لحدوث تباطؤ في الصين واليابان والولايات المتحدة، مضيفاً أن المستهلكين في حالة جيدة وينفقون المال. وتابع قائلاً: «في نهاية المطاف ستكون هناك معوقات قد تدفع الاقتصاد إلى الركود، ولا نعرف متى سيكون ذلك».
وفي السياق ذاته، حذر تورستن سلوك، كبير خبراء الاقتصاد الدولي في مجموعة «دويتشه بنك» المصرفية الألمانية العملاقة من احتمالات دخول الاقتصاد الأميركي حالة ركود خلال العام الحالي بسبب الحرب التجارية مع الصين والإغلاق الجزئي لمؤسسات الحكومة الاتحادية الأميركية.
وذكرت وكالة بلومبرغ للأنباء أن هذا التحذير يأتي في ظل ظهور مؤشرات على أن أكبر اقتصاد في العالم يتباطأ حالياً، حيث تراجعت خلال الأسابيع الأخيرة مؤشرات ثقة المستهلكين ونشاط قطاع التصنيع في الولايات المتحدة، مضيفة أن خبراء الاقتصاد يرون خلال الشهر الحالي وجود احتمالات ركود الاقتصاد الأميركي عند أعلى مستوى لها منذ ست سنوات.
يأتي ذلك فيما يستمر الإغلاق الجزئي لمؤسسات الحكومة الاتحادية الأميركية مع غياب أي مؤشرات على إمكانية نجاح الرئيس الأميركي دونالد ترمب في التوصل إلى اتفاق مع الكونغرس لتمرير موازنة العام المالي الحالي وإنهاء أزمة الإغلاق.
وقال سلوك في مقابلة مع تلفزيون بلومبرغ إنه «إذا استمر الإغلاق الحكومي، فقد يؤدي ذلك إلى ركود الاقتصاد»، مضيفاً: «يمكن اعتبار ذلك ركوداً فنياً، وقد تلقينا الكثير من الأسئلة حول حجم تقديرنا لهذا الخطر».
ويتفق المحللون الاقتصاديون بشكل عام على أن الإغلاق الحكومي المستمر منذ 4 أسابيع، والذي قال ترمب إنه قد يستمر شهوراً أو سنوات، سيقلص معدل نمو الاقتصاد الأميركي الربع السنوي بما يتراوح بين 0.1 و0.2 نقطة مئوية لكل أسبوع أو أسبوعين من الإغلاق.
ولا تقتصر المخاوف على النظرة البعيدة المدى، إذ إن الإغلاق الجزئي لمؤسسات الحكومة الفيدرالية بالولايات المتحدة لم يقتصر على عدم توفر الخدمات الأساسية للمواطنين وإيقاف مرتبات آلاف الموظفين الفيدراليين فقط، بل إنه يكلف الاقتصاد الأميركي خسائر فادحة أيضاً.
وفقاً لتقديرات «ستاندرد آند بورز غلوبال ريتينغز»، فإن الأمر سيستغرق أسبوعين فقط لتكلفة الاقتصاد أكثر من 6 مليارات دولار، متجاوزاً 5.7 مليار دولار، وهو المبلغ الذي طالب به الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، لتمويل الجدار الحدودي المقترح. وفقد الاقتصاد الأميركي، حتى يوم الجمعة الماضي 3.6 مليار دولار.
وفي حين تختلف التقديرات، وفقاً للجنة الميزانية الفيدرالية المسؤولة، فإن عمليات الإغلاق عموماً تتسبب في تكلفة الحكومة وليس توفير المال، بحسب موقع «يو إس إيه توداي» الأميركي.
وتأتي التكاليف بأشكال عديدة، أبرزها الأموال التي يتم إنفاقها مقابل العمل الذي لم يتم إنجازه، والإيرادات المفقودة التي يجب تعويضها من مصادر أخرى، والمصاريف المرتبطة بالتخطيط وتنفيذ الإغلاق، والعقوبات التي تدفعها الحكومة لعدم دفع الدفعات في الوقت المناسب للبائعين والدول، بسبب غلق المؤسسات الحكومية.
وقالت بيت آن بوفينو، كبيرة الاقتصاديين في «ستاندرد آند بورز»، في مذكرة حديثة، إن «هذا الإغلاق تصل تكلفته إلى نحو 1.2 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في هذا الربع من كل أسبوع في هذا الغلق الجزئي».
ورغم أنه قد يبدو هذا الرقم زهيداً بالنسبة لأكبر اقتصاد في العالم، لكنه يعني الكثير بالنسبة للعمال والموظفين. مع عدم دفع الرواتب لنحو 800 ألف موظف وتأخير محتمل في استرداد الضرائب، يمكن أن يكون الأثر الاقتصادي للإغلاق الحكومي الجزئي على الأقل ملياري دولار في الأسبوع، وفقاً لمحللي التجزئة في «ويلز فارغو».
وقد توصلت الشركة إلى هذه الأرقام من خلال النظر في التكاليف المتعلقة بالإيقاف، بما في ذلك فقدان الإنتاجية من قبل العمال الذي يعتبرون في إجازات وتخفيض مبيعات المقاولين إلى الحكومة. وبحسب «يو إس إيه توداي»، فإنه من بين 800 ألف موظف فيدرالي تأثروا بالإغلاق الجزئي، تم إدراج نحو 380 ألف في إجازة غير مدفوعة الأجر. وفي حين أن المبلغ غير واضح، فمن المرجح فرض ديون على الحكومة الفيدرالية بسبب فرض غرامات على الفوائد على المدفوعات المتأخرة للمقاولين وللدول إذا لم يتم توزيع المدفوعات في الوقت المناسب.


الشرق الأوسط