خاص من واشنطن - قرار ترامب يخلط اوراق المنطقة وتحذيرات من حروب جديدة

  • شارك هذا الخبر
Friday, December 21, 2018

خاص ــ الكلمة اونلاين

واشنطن – إيلي يوسف

شكل الاعلان المفاجىء للرئيس الأميركي دونالد ترامب سحب القوات الأميركية من سورية صدمة سياسية، ليس فقط لحلفاء واصدقاء أميركا وخصومها، بل وحتى للإدارة الأميركية نفسها.

وبحسب المعلومات والتصريحات المتداولة في واشنطن، وخصوصا في اوساط وزارتي الخارجية والدفاع، فقد ناقش ترامب مضمون اتصاله الهاتفي بالرئيس التركي رجب طيب اردوغان مع الوزيرين جيم ماتيس ومايك بومبيو اضافة إلى كبار المسؤولين في الوزارتين. وانتهت المداولات إلى عدم موافقة الوزيرين وخصوصا ماتيس على "الصفقة" مع اردوغان وعلى تأجيل البحث في الموضوع.

غير ان تسريبات عن تلك المداولات يعتقد ان مصدرها وزارة الدفاع لصحيفة "وول ستريت جورنال" صباح الاربعاء بهدف حشر الرئيس، اجبرت ترامب على نشر تغريدته بعد ساعات، اثر انتشار النبأ في اكثر من وسيلة اعلامية، في ظل تأكيدات بأن الوزيرين ماتيس وبومبيو لم يعلما بأن ترامب قد قرر فعلا سحب القوات. وهو ما لم تنفه المتحدثة بإسم البيت الابيض ساره ساندرز على اي حال في مؤتمرها الصحافي بعد ظهر اليوم نفسه.

لا احد يناقش في مدى تأثير سحب نحو الفي جندي على الوضع الميداني من الناحية العسكرية. لكن ما جرى يعكس خطورة القرار السياسي الذي سيعيد خلط العديد من الاوراق الاقليمية في المنطقة، خصوصا وانه سيصب في مصلحة اطراف على حساب اطراف اخرى.

تقول اوساط أميركية إن الرئيس ترامب قرر معالجة ملف العلاقة مع تركيا عبر تسليمها اوراقا عدة، ما يسمح لها بحرية حركة وبهامش مناورة اكبر، فيما هو متمسك بتحقيق وعوده الانتخابية بالانسحاب من سورية بعد هزيمة داعش.

وتذكّر تلك الاوساط بأن ترامب لم يعلن في اي وقت ما يخالف وعوده تلك، فيما الاضافات عن التصدي للوجود الإيراني والتوصل إلى مسار سلمي للأزمة السورية، كان مصدرها وزارتي الدفاع والخارجية، اللتان اقنعتا الرئيس بضرورة تأجيل سحب القوات الأميركية العام الماضي.
حتى مستشار الامن القومي جون بولتون الذي اكد قبل أقل من اسبوعين على ان القوات الأميركية باقية في سورية انسجاما مع رؤيتي الخارجية والدفاع فوجىء هو الاخر بقرار ترامب.
والسؤال المطروح الان هو عن مستقبل قوات سورية الديمقراطية التي تضم خليطا عربيا مع غالبية كردية.
من الواضح ان القرار شكل ضربة للاكراد ووضعهم امام خطر مواجهة مباشرة مع القوات التركية التي تستعد لتنفيذ عملية عسكرية كبرى قد تؤدي في نهاية المطاف للسيطرة على شمال شرق سورية مرورا بادلب وصولا إلى البحر المتوسط.
وبحسب اوساط عسكرية هذا يعني ان الولايات المتحدة قررت عدم التضحية بعلاقتها مع تركيا على حساب الطرف الكردي الذي سيبقى على الدوام بحاجة إلى غطاء وضمانة أميركية، وهو ما يتعارض مع السياسة الاميركية التي بدأها الرئيس السابق باراك أوباما ولم يحد عنها ترامب عمليا، والقاضية بعدم التورط في وحول ازمات المنطقة، وجعل الاخرين يتولون هذه المهمة.
اوساط اخرى حاولت الاجابة على سؤال يتعلق بمصير المواجهة مع إيران، وعما اذا كان هذا القرار سيصب في مصلحتها لناحية تعزيز حضورها العابر للحدود من طهران إلى بغداد ودمشق وبيروت.
تعتقد تلك الاوساط ان تركيا قد تشكل في هذه الحالة الطرف الذي سيتولى مهمة التصدي للتمدد الإيراني على الرغم من العلاقة الهادئة بينهما الان. ومع سيطرة تركيا على شمال شرق سورية الغني بموارده النفطية والزراعية، تصبح انقرة اقل حاجة للنفط الإيراني.

لكن تحذيرات اخرى تشير إلى ان مطامع تركيا قد لا تقف عند هذا الحد، خصوصا وان اردوغان صرح اكثر من مرة بأن مدينة الموصل العراقية لطالما كانت مدينة تركية. وهذا يعني ان مشاريع حروب جديدة تتجمع نذرها في المنطقة.

وترجح اوساط اخرى بأن "الصفقة" مع اردوغان شملت اقفال ملف الصحافي السعودي جمال خاشقجي، الامر الذي كبل ويكبل رد الفعل السعودي على قرار ترامب، على الرغم من ان مناطق شرق سورية حيث تنشط القبائل العربية مع الاكراد، هي مناطق النفوذ الاخيرة المتبقية للسعودية.

مصير قوات حماية الشعب الكردية بات مطروحا على بساط البحث في ظل معلومات تحدثت عن مناقشات في بعض دوائر البيت الابيض لإضافتها على لائحة الارهاب، كجزء من صفقة ترامب – اردوغان.

هذا التحول قد يؤدي إلى احتمالين، إما ان تقرر تلك الوحدات خوض حروب للبقاء قد تأخذ اشكال متعددة بما فيها حرب العصابات ضد القوات التركية، او العودة إلى احضان النظام السوري، ما سيؤدي الى هلاكها في نهاية المطاف، رغم علاقاتها التي لم تنقطع مع دمشق. فنظام الاسد اليوم غيره قبل اعوام حين قَبِل بالتشكيلات الكردية المسلحة عندما كان يتعرض لضغوط عسكرية وسياسية قبل العام 2015 حين دخلت روسيا على خط الازمة.


الكلمة اونلاين