الى اليوم لم تثبت الفقرة 10 في المادة 53 جدواها اذ يستخدمها رئيس الجمهورية، ولا جدية تعاطي مجلس النواب معها وصدقيته. في المرات الثلاث السابقة اكتفت الهيئة العامة بتلاوة الرسالة، ثم ناقشتها من غير ان تفضي بها الى نتيجة ملموسة سوى طيّ صفحتها كأنها لم تكن. اولى الرسائل للرئيس الياس هراوي في 19 آذار 1998، عندما حض مجلس النواب على تأليف الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية. كان خارجاً لتوه من خلاف حاد مع رئيس الحكومة رفيق الحريري الذي تجاهل اقرار مجلس الوزراء اقتراح الرئيس قانوناً اختيارياً للاحوال الشخصية صوّت عليه 21 وزيراً في حكومته الثلاثينية، اي ما يتجاوز ثلثيه. شأن ما يفعل الحريري الابن بوضع التكليف في صندوقة والاقفال عليه، فعل الحريري الاب من قبل بأن احتجز قرار مجلس الوزراء في 18 آذار في جاروره، وسارع الى طلب نجدة دار الافتاء والمرجعيات الاسلامية كي ترفض بدورها اقتراح رئيس الجمهورية. هذا الاقتراح - الى اليوم - لا يزال في ادراج السرايا.
على غرار ابيه، لكن من دون ان يشبهه ابداً، طلب الحريري الابن نجدة دار الافتاء، امس وقبل الامس للمرة الاولى، كي ترفض ما سمّاه عُرف التعرّض لامتياز التكليف. ثانيتها للرئيس اميل لحود الى مجلس النواب في 4 ايار 2005، داعياً اياه الى وضع قانون جديد للانتخاب تفادياً للعودة الى قانون 2000، في مرحلة شرخ وطني حاد بين قوى 8 و14 آذار. تليت الرسالة ونوقشت بسخونة بين مَن ضدها وضد لحود ومَن دافع عن الاثنين. ثم نامت في الكهف. ثالثتها للرئيس ميشال سليمان في 21 ايار 2014، قبل اربعة ايام فقط من انتهاء ولايته، داعياً البرلمان الى انتخاب خلف له قبل فوات المهلة الدستورية. شأنأختيها، تليت وغفت طويلاً، بدليل امرار شغور رئاسي طوال 890 يوماً. إطلع رئيس الجمهورية على وقائع الرسائل تلك، ويدرك انه لا يتوقع من الرسالة الكثير، وربما لا شيء حتى. بيد ان وقوعها في صلاحياته الدستورية يوجب عليه تحريك المياه الراكدة في ازمة حكومية، توشك بعد اسبوعين على دخول شهرها الثامن من دون آمال في حل لها. لا يتعامل معها على انها «الخرطوشة الاخيرة»، بل احد الاحتمالات المتداولة، خصوصاً وانه يسعى - اذ يخاطب بها مجلس النواب - الى التوجه الى الرأي العام اللبناني كي يكون على بيّنة من الاسباب التي تراكم ازماته الاقتصادية والاجتماعية والمالية والتهديدات الاسرائيلية وعبء النزوح السوري.