فؤاد أبو زيد- في أي جمهوريّة نعيش اليوم ؟!

  • شارك هذا الخبر
Monday, December 10, 2018

فجّر القاضي مروان عبود، رئيس الهيئة العليا للتأديب، في مقابلة تلفزيونية امس، قنبلة من العيار الثقيل، عندما كشف عن الوجه القبيح للادارات الاساسية التي تقوم عليها الدول، مثل التفتيش المركزي بوجوهه المتعددة مثل التفتيش الاداري، وديوان المحاسبة، ومجلس الخدمة المدنية، وهي المؤسسات التي أوجدها الرئيس اللواء فؤاد شهاب، كما أوجد غيرها في ستينات القرن الماضي لتنقل لبنان الى عصر الحداثة، ويصبح عضواً في نادي الدول المتقدمة.

القاضي عبّود قال انه منذ خمس سنوات لم يتلقَّ سوى تحقيق واحد من هذه المؤسسات، يتعلّق بعدم التزام موظف بالدوام الرسمي، امّا الفضائح والارتكابات التي يسمع بها في وسائل الاعلام، كأي مواطن عادي، بقيت بعيدة عن الهيئة العليا للتأديب المعنية بأخذ القرارات المتعلقة بالمخالفات التي تحصل في دوائر الدولة.

القنبلة الثانية التي فجّرها عبود تتعلق بالقضاء اللبناني السلحفاتي، عندما كشف ان القضاء بالاسلوب الذي يتّبعه، لا يمكن ان يصل الى حكم قبل مرور 30 سنة.

امّا القنبلة الثالثة، والاضخم حجماً، فهي التي فجّرها محمد شمس الدين، احد الخبراء المعروفين في المال والاقتصاد والاحصاء، عندما عدّد اكثر من 20 فضيحة مالية، ارتكبتها مجالس الوزراء منذ ايام الوصاية السورية حتى يومنا هذا، وتقدّر الاموال المهدورة والمسروقة من هذه العيّنة من الفضائح، بعشرات المليارات من الدولارات التي تذهب من خزينة الدولة الى جيوب المحظيين من السياسيين ورجال الاعمال ورجال الدين من مختلف الطوائف والمذاهب، ولا يستلزم الأمر تصحيح خطايا رؤساء الحكومات والوزراء، سوى اعادة النظر بهذه المراسيم والقرارات، لتوقيف مزاريب الهدر والسرقات.

* * * *
هناك دول يطلق عليها اسم «جمهورية الموز» تعبيراً عن الفساد المعشش فيها، والمحكومة من مافيات، والحقيقة انني جهدت كثيراً لأجد وصفاً مناسباً لجمهورية لبنان، لكنني اعترف بانني «كعيت» فهي جمهورية موز من جهة «وجمهورية فساد ايضاً، وجمهورية موت، نسبة للتلوث والنفايات، وجمهورية التعطيل بامتياز، وجمهورية الحشيش، وجمهورية اللاجئين والنازحين، وجمهورية الهجرة، وينتهي العد ولا تنتهي اوصاف هذه الجمهورية التي حملت يوماً اسم «سويسرا الشرق»، سقى الله تلك الايام».

اذا كانت الحكومة الجديدة - اذا تشكلت - ستكون مثل الحكومات السابقة، التي وصف رئيس مجلس النواب نبيه بري احداها، بانها «حكومة كل مين ايدو الو» بلاها احسن، واحسن ايضاً من ان تحمل وصف حكومة المحاصصة، لبنان يستحق افضل مما يدبر له، وافضل من الطبقة السياسية الحاكمة التي جرته منذ عقود الى هذه النهاية الموجعة.